السنة في الأذان أنه أذان واحد لكل فريضة، ويستثنى من ذلك صلاة الفجر وصلاة الجمعة،  ففي مشروعية الأذان الثاني لكل منهما خلاف بين الفقهاء، ولا يجوز الإنكار في هذه المسألة على المخالف، وعلى المسلم أن يحترم المكان الذي يعيش فيه، فإن كان العرف وعادة الناس استقرت على أذان واحد لصلاة الجمعة وصلاة الفجر، وخاصة بعدما استحدث من أدوات التنبيه، وأصبح الأذان على أجهزتنا النقالة سواء الكمبيوتر أو التليفون، أو غير ذلك فلا داعي أن نحدث شيئا يخالف العرف؛ ما دام لم يتعارض مع الشرع، حتى لا يقع الناس في الحيرة والارتياب عند الإمساك في رمضان أو الصلاة يوم الجمعة وغير ذلك.

يقول الدكتور رجب أبو مليح:

شرع الأذان من أجل الإعلان والإعلام بدخول وقت الصلاة، ويشرع الأذان مرة واحدة لكل صلاة، ثم تأتي الإقامة التي أطلق عليه بعض الفقهاء اسم الأذان للتغليب لتؤكد على إعلام الناس بالصلاة،  ففي الحديث الذي رواه الجماعة ( البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة )  “بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء “، فالمراد بالأذانين الأذان والإقامة

وقد شرع الأذان في المدينة على الرأي الراجح.

ويستثنى من الأذان الواحد صلاة الفجر وصلاة الجمعة. ففي صلاة الفجر يجوز أن يؤذن لها قبل الوقت لكي ينتبه الناس ويستعدوا لهذه الصلاة ويدركوها في المسجد حيث إن معظمهم يكون نائما.وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف من الحنفية إلى أنه يجوز الأذان للفجر قبل الوقت ، في النصف الأخير من الليل عند الشافعية والحنابلة وأبي يوسف ، وفي السدس الأخير عند المالكية . ويسن الأذان ثانيا عند دخول الوقت لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) .

وعند الحنفية – غير أبي يوسف – لا يجوز الأذان لصلاة الفجر إلا عند دخول الوقت ، ولا فرق بينها وبين غيرها من الصلوات ؛ لما روى أبو داود بسنده عن  شداد مولى عياض بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال : ( لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر ) والحديث ضعيف علته الانقطاع بين شداد وبلال.

أما في صلاة الجمعة فقد كان الأذان في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وعمر أذانا واحدا، ثم لما كثر الناس في عهد عثمان ـ رضي الله عنه ـ استحدث أذانا ثانيا

روى البخاري وغيره عن السَّائب بن يزيد أنه قال : كان النداء يوم الجمعة أوَّلُه إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزَّوْراء، ولم يكن للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤذِّن غير واحد .، وسمي ثالثا لأنهم كان يعدون الإقامة بمثابة الأذان الثاني من باب التغليب.

وعلى المسلم أن يحترم المكان الذي يعيش فيه، فإن كان العرف وعادة الناس استقرت على أذان واحد لصلاة الجمعة وصلاة الفجر ، وخاصة بعدما استحدث من أدوات التنبيه، وأصبح الأذان على أجهزتنا النقالة سواء الكمبيوتر أو التليفون، أو غير ذلك فلا داعي أن نحدث شيئا يخالف العرف؛ ما دام لم يتعارض مع الشرع، حتى لا يقع الناس في الحيرة والارتياب عند الإمساك في رمضان أو الصلاة يوم الجمعة وغير ذلك.

وقد حثنا الله تعالى ، ورسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ على العمل بالعرف، يقول الله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) الأعراف : 199

وأخذ الفقهاء من هذه الآية وغيرها وتوجيهات النبي ـ صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة الفقهية (العادة محكمة).

ولا داعي لأن ينكر بعضنا على  بعض في أمر مختلف فيه، والقاعدة الذهبية تقول : لا إنكار في المسائل الاجتهادية، شريطة أن يكون الخلاف مبنيا على دليل.

ما يترتب على وجود الأذانين من أحكام:

في أذان الفجر لا يجب الإمساك عن الطعام والشراب عند الأذان الأول إن كان يؤذن قبل وقت الصلاة.

لا يجوز لنا أن نصلي الفجر عند الأذان الأول لأن دخول الوقت من شروط صحة الصلاة.

في أذان الجمعة خلاف بين الفقهاء حول حرمة البيع والشراء فمذهب جمهور الفقهاء ، ومنهم بعض الحنفية كالطحاوي أنه أذان خطبة الجمعة بين يدي المنبر ، والإمام على المنبر ، فينصرف النداء إليه .

والمختار عند الحنفية ، أن المنهي عنه هو البيع عند الأذان الأول الذي على المنارة ، وهو الذي يجب السعي عنده ، وهو الذي رواه الحسن عن أبي حنيفة – رحمه الله تعالى – إذا وقع بعد الزوال.

حدث الخلاف بين الجمهور وبين الحنفية حول وجوب السعي لصلاة الجمعة المأخوذ من قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) -الجمعة : 9-، والسعي واجب عند الأذان الأول عند الحنفية، وعند الأذان الثاني عند الجمهور .