حثَّ الإسلام على التداوي ، وإذا أوصى طبيب مسلم ثقة بالقيام بجراحة يعود نفعها على المريض تصير هذه الجراحة في حكم الواجبة ، وهذا الشخص يطلق عليه أنه خنثى ، ومن أحكام الخنثى عدم مخالطة الرجال لاحتمال أنوثته ، و لا يخالط النساء لاحتمال ذكورته إلا إذا روعيت الأداب والضوابط التي نص عليها الفقهاء.

اختلاط الخنثى بالرجال والنساء

ويجلس خلف الرجال إذا كان مع الرجال ، وأمام النساء إذا كان مع النساء ( وهذا في الصلاة خاصة )حتى يعالج ،ويلحق بجماعة الرجال أو النساء على حسب ما يوصي به أهل الخبرة والثقة من الأطباء المسلمين .
وإذا اقتضى الأمر إجراء عملية جراحية لتَحويله إلى رجل أو العكس فيجوز له عملها متى كان المَقصود منها إبرازُ عُضْوٍ خلْقِيٍّ مَطمور، ولا يجوز ذلك لمُجرد الرغبة في التغيير فحسب.

أحكام الخنثى في الإسلام

يقول فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق :
أولًا:
الإسلام يدعو المرضى للتداوي، ويُرشدهم إلى علاج ما ألمَّ بأجسادهم مِن عِلَلٍ،
وما نزل بأبدانهم مِن سِقم، وقد جاء في هدْي نبي الإسلام محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ فيما رواه عن أسامة بن شُريك، قال: “جاء أعرابيٌّ فقال يا رسول الله أنتداوَى. قال: نعم فإنَّ الله لم يُنزل داءً إلا أنزلَ له شفاءً علِمَه من علِمه، وجهِله مِن جهِله”. رواه أحمد ـ نيل الأوطار للشوكاني وفي لفظ: “قالت الأعراب:يا رسول الله، أنتداوَى، قال:نعم عبادَ الله تَداوَوا ؛ فإن الله لم يضَع داءً إلا وضَع له شفاءً أو دواءً إلَّا داءً واحدًا. قالوا يا رسول الله وما هو ؟ قال الهرَم”. (رواه ابن ماجة وأبوداود والترمذي وصححه ـ المرجع السابق نفس الموضوع).
ثانيًا:
أجاز الإسلام التداوي بإجراء جراحةٍ بقطع عرْق، أو استبدال عُضو،
جاء ذلك فيما رواه جابر، قال:
“بعث رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلى أُبيِّ بن كعب طبيبًا، فقطع منه عرقًا، ثم كوَاه”. (رواه أحمد ومسلم).
وكما جاء في حديث عرفجة الذي قطع أنفه يوم الكلاب قال:
“أُصيب أنْفِي يوم الكُلاب في الجاهلية، فاتَّخذتُ أنفًا مِن وَرِقٍ “فضة” فأَنْتَنَ عليَّ، فأمرني رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن أتّخِذَ أنفًا مِن ذهَبٍ”. (صحيح الترمذي بشرح ابن العرى المالكي).
وتخريجًا على ما ذُكر، فإنه يجوزُ إجراءُ جراحةٍ لإظهار علامات الأُنوثة المَطمورة، أو علامات الذكورة المَغمورة متى انتهى رأي: الطبيب الثقة إلى وُجود الدواعي الخَلْقيَّة في الجسد الذي به عِلَّةُ التداوي، والتي لا تَزُول إلا بالجراحة باعتبارها مُظهرة لمَا استترَ مِن أعضاء الذكورة أو الأنوثة، وتَصير هذه الجراحة واجبةٌ متى نَصح بها وقرَّرها الأطباء الثقات، وتكون علاجًا مأذونًا به شرعًا.
ثالثًا:
إذا كان الشخص ليس له مِن الذكورة إلا العُضو الذي لا وظيفةَ له، والغدد في الجسم لا تُفرز المنِيَّ، وليس له مِن الأنوثة سوى الثديينِ ونُعومة الجسد، وأنه لا يَشعر بأيِّ رغبة جنسية ذَكرية أو أُنثوية، وهو يَشعر أنه يعيش وفقًا لذلك بما في ذلك اللباس، فإنه والحالة هذه يُعتبر خُنْثَى خلْقِيًّا، فلا يُعتبر ذكرًا ولا أُنثى، وإنما أمره متوقف فيه، فلا يخلو به الرجال ولا يُجالسونه؛ لاحتمال كونه أنثى ، وكذلك لا يختلط به الرجال لاحتمال ذُكورته، ففي كلا الاحتمالينِ يُتصور حُدوث مَفسدة بالمُخالطة أو الخَلْوة.
وإذْ كان ذلك يستمر التعامُل مع هذا المُخنَّث المشكل بهذا الحكم إلى حين تمام علاجه، واستقرار حالته، باطمئنان لجنة طبية مُتخصِّصة لمَا تَنتهي إليه حاله، فيَتميَّز بالذكورة أو الأنوثة وحينذاك يُلحق بنوعه مِن غير توقُّع أو وُقوع مَفسدة يُخشى منها، والأخْذ بهذا هو الأحْوط الذي تَحرص عليه شريعة الإسلام، وتتطلَّبه؛ رعايةً لحق المجتمع.
رابعًا:
فالخنثى لا يُعتبَر في رأيِ الشريعة أُنثى؛ إذا ولد وله عضوُ الذكورة والأُنوثة، ويستطيع حضور اللقاءات الإسلامية المُقتصرة على الرجال، ويجلس خلْف صُفوفهم، ويستطيع كذلك حضور اللقاءات الإسلامية المُقتصرة على النساء، ويجلس أمام صُفوفهنَّ، ولا يجوز دخوله على النساء؛ لجواز علاجه بهُرمونات الذكورة مرة أخرى وشِفائه مِن أمراضه،وتَعود إليه الذكورة.

الأحوط في التعامل مع الخنثى

لما كان كذلك كان الأحْوط لحكم الله التوقُّف عن مُخالطة المُخنَّث المشكل النساء (بدون الضوابط السابقة ) والخَلوة بهنَّ أو بإحداهنَّ، وكان مِن الأحوط لحكم الله ـ تعالى ـ كذلك ألا يَنفرد به رجلٌ، وذلك إلى أن يَستبِينَ، ويستقرُّ حالُه بيقينٍ، أو يقضي الله فيه أمره.