يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – :
الله سبحانه له حِكْمَة في توزيع الصلوات على الأوقات المعروفة فلابد من المُحافظة على ذلك حتى لو لم نَفْهَم الحِكْمة، فالأمر قائم على الاتِّباع، ففي الحديث “صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي” وقد عيَّن جبريل للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ مواقيت الصلاة، بعد أن فُرِضَت عليه ليلةَ الإسراءِ، وحدَّد له أول الوقت وآخره، وقال له: “الوَقت ما بين هذين الوقتيْن”.
ولعلَّ الحِكمة في تضييق وقت صلاة الصبح هي الحرص على البكور واستئناف النشاط اليومي من أول النهار ، فقد أجمع ذوو الاختصاص على أن الساعاتِ الأولى من النهار فيها خيرٌ كبير للإنتاج الذِّهني والبَدني، والرسول دعا أن يُبارك الله لأمته في البُكور.
وقال بعض المُفَكرين إن صلاة الصبح تُؤَدَّى بعد راحة طويلة بالنوم بالليل، ومع ذلك جعلها الله ركعتين ولم يجعلها أربعًا أو أكثر؛ وذلك للسُّرعة في استئناف العمل من أجل الرزق والمُهمات الأخرى.
وقد كَرِهَ العلماء السَّهر الطويل بعد العِشاء لغير حاجة؛ وذلك من أجل راحة الجِسم بالنوم وعدم فوات صلاة الصبح التي قال الله فيها: (إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) (سورة الإسراء : 78).
وإذا كانت هناك قِلة من الناس يعملون بالليل فيتعرضون لضياع صلاة الصبح، فإن القلة لا تحْكُم على الكثرة،
ومع ذلك فمن المُمْكن أن تُنَظَّم أوقات العمل حتى لا يضيع أيُّ فرض من فروض الصلاة ليلاً أو نهارًا.
وفي الصحيحين أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِية رأس أحدكم إذ هو نام ثلاث عُقَد، يضرب على كلِّ عُقْدَةٍ مكانها: عليك ليل طويل فَارْقُدْ، فإن استيقظ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقَدُه كلُّها، فأصبح نشيطًا طيِّب النفس وإلا أصبح خبيث النَّفْس كسلان.
وفي الصحيحين أيضًا أن رجلاً ذُكِر عند النبي ـ ﷺ ـ فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال “ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشيطانُ في أُذُنه”.