قرر الفقهاء أن من حق الزوجة أن يسكنها زوجها في مسكن مستقل لا يشركها فيه أحد من أهله…هذا حق من حقوق الزوجة ، وبإزاء هذا قرر الفقهاء أن من حق الأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه دون إضرار بولده وفقا لحديث النبي ﷺ: أنت ومالك لأبيك، ولغيره من الأدلة.
وقد رضيت الزوجة أن يغشاها في مسكن الزوجية غيرها، فلا أقل من أن نحترم غرفتها الخاصة ، ونشكر لها رضاها أن يغشاها أهل زوجها، ولعل سائل يقول ، وهل يعطيها الشرع الحق أن ترفض هذا ؟ نقول : نعم ، ويكون في هذا الوقت واجب على الزوج أن يسكنها في مسكن خاص بها ، كما يكون واجبا عليه أن يعيل أباه وأمه في مسكن لائق بهما، وإذا كان لا يستطيع الولد ذلك لضيق ذات اليد أو لحاجة أهله أن يكونوا بجواره لكبر سنهم مثلا فلا يفوتنا أن نشكر الزوجة التي تتنازل عن حقها لتحل لزوجها هذا الإشكال!
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
يرى الفقهاء أن بيت الزوجية يراعى فيه ما يأتي :
أ – أن يكون خاليا عن أهل الزوج ، سوى طفله غير المميز ؛ لأن المرأة تتضرر بمشاركة غيرها في بيت الزوجية الخاص بها ، ولا تأمن على متاعها ، ويمنعها ذلك من معاشرة زوجها ، وهذا بالنسبة إلى بيت الزوجية متفق عليه بين الفقهاء .
أما سكنى أقارب الزوج أو زوجاته الأخريات في الدار التي فيها بيت الزوجية ، إذا لم ترض بسكناهم معها فيها ، فقد قال الحنفية : إنه إذا كان لها بيت منفرد في الدار له غلق ومرافق خاصة كفاها ، ومقتضاه أنه ليس لها الاعتراض حينئذ على سكنى أقاربه في بقية الدار ، إن لم يكن أحد منهم يؤذيها . . وقالوا أيضا : له أن يسكن ضرتها حينئذ في الدار ما لم تكن المرافق مشتركة ؛ لأن هذا سبب للتخاصم .
ومثله في الجملة مذهب الشافعية .
وفي قول عند بعض الحنفية ارتضاه ابن عابدين :أنه يفرق بين الشريفة والوضيعة ، ففي الشريفة ذات اليسار لا بد من إفرادها في دار ، ومتوسطة الحال يكفيها بيت واحد من دار .
وبنحو هذا قال المالكية على تفصيل ذكروه ، كما نص عليه صاحب الشرح الكبير ، قال : للزوجة الامتناع من أن تسكن مع أقارب الزوج كأبويه في دار واحدة ؛ لما فيه من الضرر عليها باطلاعهم على حالها ، إلا الوضيعة فليس لها الامتناع من السكنى معهم ، وكذا الشريفة إن اشترطوا عليها سكناها معهم . ومحل ذلك فيما لم يطلعوا على عوراتها .
ونص المالكية أيضا على أن له أن يسكن معها ولده الصغير من غيرها ، إن كانت عالمة به وقت البناء ، أو لم يكن له حاضن غير أبيه ، وإن لم تعلم به وقت البناء.
ولا يفوتنا أن نذكر الزوجة بأن بر الزوج بوالديه والإحسان لهما واجب عليه فرضاهما من رضا الله سبحانه وتعالى، وقد تكون دعوة صالحة منهما للإبن البار تكون سببا في حياة سعيدة له ولزوجته ولجميع أبناءه.