عن النبي ـ ﷺ ـ قال “بُعثت أنا والساعة كهاتين” وأشار بإصبعه السبابة والوسْطى”.رواه البخاري وغيره
والمراد بذلك قرب الساعة وأنه لا نبي بعده ولا مُنافاة بينه وبين الحديث الآخر “ما المسئول عنها بأعلمَ من السائل” لأن الحديث الأول يعني أنه ليس بينه وبين الساعة نبي، كما أنه ليس بين السبابة والوسطى إصبع أخرى، ولا يلزم من ذلك علم وقتها بعينه، ولكن سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة، وبعثة النبي ـ ﷺ ـ نفسها أول أشراطها.
قال عياض: حاول بعضهم في تأويله أن نِسْبَة ما بين الإصبعين كنسبة ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مَضَى، وأنَّ جملتها سبعة آلاف سنة، واستند إلى أخبار لا تصح، وذكر ما أخرجه أبو داود في تأخير هذه الأمة نصف يوم وفسَّره بخمسمائة سنة، فيؤخذ من ذلك أن الذي بقى نصف سبع، وهو قريب مما بين السبابة والوسطى في الطول قال: وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومُجاوزة هذا المِقْدَار، ولو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه. يقول ابن حجر: وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين ثلثمائة سنة. وقال إن ابن جرير الطبري أورد في مُقدمة تاريخه عن ابن عباس أن الدنيا جُمْعَة من جُمع الآخرة سبعة آلاف سنة، وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة وأورده من طريق يحيى بن يعقوب الذي قال عنه البخاري: مُنكر الحديث.
وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعًا “ما أجَلُكُمْ في أَجَلِ مَنْ كَانَ قَبلَكُمْ إلا من صلاة العصر إلى مَغْرِبِ الشمس، وَفُسِّرَ بأن مُدة هذه الأمة قدر خُمس النهار تقريبًا، والطبري ارْتضى أن الدنيا سبعة آلاف سنة، وأيده السهيلي بحديث عن ابن زمل، “الدنيا سبعة آلاف سنة بُعِثْتُ في آخرها” لكن هذا الحديث ضعيف جدًا، وإسناده مجهول. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال ابن الأثير: ألفاظه مصنوعة.
إن قول النبي ـ ﷺ ـ “بُعِثْتُ أنا والساعة كهَاَتين” ليس فيه ما يقطع بصحة هذا التحديد بل غايته بيان قُرب الساعة، وليس بينها وبين النبي نبي آخر، وحاول جماعة أن يحددوا موعد القيامة أو عُمْر الدنيا عن طريق الحروف المُقَطَّعَة أوائل السور فتضاربت أقوالهم. وكلها ظنون والظن لا يُغني من الحق شيئًا، فَلْنَكِلْ علم ذلك إلى الله سبحانه، ولنستعد للقائه بالعمل الصالح، ولنوفِّر جهدنا لنبحث عما يحل مشكلاتنا الضاغطة. وما أكثرها في هذه الأيام التي كثرت فيها النُّذُر بقرب قيام الساعة، انظر “فتح الباري لابن حجر ج 11 ص 355 ـ 359″ لترى صورة الجدال الذي شُغل به الأولون. وانظر “الروض الأنف السهيلي ج 2 ص 36”.