الطريق المعتبر في إثبات الشهور القمرية، سواء رمضان أو غيره، هو الرؤية البصرية، سواء العين المجردة أو بواسطة المراصد، شريطة أن يقوم احتمال صدق الرؤية ، فإذا استحال بالحساب الفلكي رؤية الهلال في ليلة معينة ، لا يعتد بالرؤية البصرية في تلك الليلة ، للتأكد حينئذ من كون الرؤية البصرية وهم لا حقيقة، ووجود الشك فيها ، والأصل بقاء الشهر، واليقين لا يزول بالشك .
ولقد أصدر المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء قراره في هذه المسألة؛ بعد استعراض الأبحاث المقدمة والمداولة المستفيضة بشأنها كالتالي:
يثبت دخول شهر رمضان أو الخروج منه بالرؤية البصرية، سواء كانت بالعين المجردة أم بواسطة المراصد، إذا ثبتت في أي بلد إسلامي، بطريق شرعي معتبر، عملاً بالأمر النبوي الكريم الذي جاء به الحديث الصحيح: ( إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا ) رواه مسلم، وكذلك : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) متفق عليه .
وهذا بشرط ألا ينفي الحساب الفلكي العلمي القطعي إمكان الرؤية في أي قطر من الأقطار. فإذا جزم هذا الحساب باستحالة الرؤية المعتبرة شرعاً في أي بلد، فلا عبرة بشهادة الشهود التي لا تفيد القطع، وتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب، وذلك لأن شهادة الشهود ظنية، وجزم الحساب قطعي، والظني لا يقاوم القطعي، فضلاً عن أن يقدم عليه، باتفاق العلماء .
ويؤكد المجلس أنه لا يعني بالحساب الفلكي (علمَ التنجيم) المذموم والمرفوض شرعاً، كما لا يعني به المدون في (الرزنامات) ـ وهو كتاب يتضمن معرفة الأيام والشهور خلال أيام السنة ـ المعروفة في البلاد الإسلامية، كما قد يتوهم بعض أهل العلم الشرعي. إنما نعني بالحساب: ثمرة علم الفلك المعاصر القائم على أسس رياضية علمية قاطعة، والذي بلغ في عصرنا مبلغاً عظيماً، استطاع به الإنسان أن يصل إلى القمر والكواكب الأخرى، وبرز فيه كثير من علماء المسلمين في بلدان شتى .