العلم النظري لأحكام الشريعة ليس مطلوباً من المسلم بشكل عام؛ لأنّه أمر يختصّ بالعلماء.

والمطلوب من المسلم هو العلم بالأمور التي يريد أن يعملها؛ فلا بدّ أن يعرف كلّ مسألة يريد القيام بها، هل هي حرام أم حلال؟ وما هي تفاصيل الأحكام الشرعية المتعلّقة بهذه المسألة؟

فإذا أراد أن يصلّي مثلا فلا بدّ أن يتعلّم أحكام الصلاة، وحين يصوم في رمضان لا بدّ أن يتعلّم أحكام الصيام، لكن ليس مطلوباً من المسلم أن يتعلّم أحكام الزكاة إلاّ إذا وُجد عنده من المال ما يجب فيه الزكاة، فيجب عليه عند ذلك أن يتعلّم تفصيل أحكام الزكاة في هذا الموضوع، أمّا قبل ذلك فيكفي أن يعلم أنّ الزكاة مفروضة على المسلم في ماله إذا بلغ مقداراً معيّناً زائداً عن حاجته.

وليس مطلوباً من المسلم أن يتعلّم تفاصيل أحكام الحجّ. بل يكفي أن يعلم أنّ الحجّ فريضة على المستطيع مرّة في العمر. حتّى إذا صار مستطيعاً وأراد الحجّ فعليه أن يتعلّم أحكامه.

وإذا لم يكن تاجراً فليس مطلوباً منه أن يتعلّم أحكام البيع والشراء، ولكن إذا أراد التجارة فيجب عليه أن يتعلّم أحكامها.

وإذا لم يكن عنده ما يؤجّره فلا ضرورة ليتعلّم أحكام الإجارة. لكن إذا صار يملك مسكناً أو محلاّ تجارياً وأراد أن يؤجّره فيجب عليه أن يتعلّم أحكام الإجارة … وهكذا.

إنّ الله تعالى لا يحاسب المسلم على ما يجهله من الأحكام الشرعية إذا كانت لا تتعلّق بعملٍ يقوم به، ولكن يسأل أمام الله عن كل عمل يقوم به إذا لم يعرف أنّه حرام أو حلال وإذا لم يسأل عن أحكامه الشرعية.

وقديماً قال العلماء: لا يُعتدّ بجهل الأحكام في دار الإسلام. واليوم نقول أيضاً: لا يُعتدّ بجهل الأحكام حتّى خارج دار الإسلام؛ لأنّ العلم متاح على ظهر الكرة الأرضية كلّها، والكتب مطبوعة ومترجمة، والفضائيات والإنترنت تجيب على أسئلة كلّ من يريد أن يعرف الحكم الشرعي في أيّ مكان كان.