الأصل في البيع والشراء، وما في حكمهما هو تحقيق العدل بين المتعاقدين، وبالعدل يتحقق الرضا بينهما.
فإذا ظهر أن التجار أو أكثرهم قد ظلموا وتجاوزوا الحد في زيادة الأسعار وجب على الجهة المختصة في الدولة أن تتدخل في تحديد الأسعار صيانة لحقوق الناس ومنعًا من الاحتكار، ودفعًا للظلم الواقع عليهم بسبب جشع التجار وطمعهم. وهذا ما أفتى به كثير من أهل العلم.
فإن لم يظهر في الأسواق ما يهدد الناس في معاشهم، فلا ينبغي على الجهة المختصة التدخل في تحديد الأسعار ولكن يترك ذلك للعرض والطلب، والتنافس المشروع. وبذلك تنشط الأسواق، ويزداد الإقبال على الشراء ويربح التجار ربحًا حلالاً، ويستفيد الناس من هذا التنافس الشريف، وتظهر السلع لطلابها في كل مكان، ولا يضطر التجار إلى إخفائها واحتكارها، وهو الأمر الذي يأباه الشرع ولا يرتضيه المصلحون.
فقد روى أصحاب السنن بسند صحيح عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا. فقال رسول الله ـ ﷺ: “إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني في دم ولا مال.
فهذا الحديث يحرم على التدخل في تسعير السلع لما يترتب عليه من الأضرار المعروفة والتي ذكرنا طرفًا منها هنا، ولكن إذا دعت الضرورة التدخل لإقامة العدل ومنع الظلم، وكان ذلك التدخل واجبًا، وللفقهاء الذين أفتوا بذلك قواعد أصولية لا شك في صحتها مثل قولهم: “الضرورات تبيح المحظورات” وقولهم: “الضرر يزال” يعني تجب إزالته من قبل أهل الحل والعقد.