لا حرج على المرأة في ترديد الذكر والاستغفار حال الحيض باتفاق الفقهاء، يقول الإمام النووي: (أجمع العلماء على جواز التسبيح والتهليل وسائر الأذكار غير القرآن للحائض والنفساء).
ومما يدل على جواز الذكر والدعاء للحائض أيضا قوله ﷺ لعائشة لما حاضت وهي محرمة بالحج في حجة الوداع: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. رواه البخاري ومسلم. ومن المعلوم أن الحاج يقوم بكثير من الأذكار مثل التلبية ومثل الذكر والدعاء في عرفة، والذكر في أيام منى، والدعاء بعد رمي الجمار، والذكر والدعاء في المشعر الحرام، قال الله تعالى: [فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ] (البقرة: 198) إلى قوله: [وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ] (البقرة: 203).
قراءة الحائض للقرآن:
قراءة الحائض للقرآن الكريم فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني ..
هل يجوز مس المصحف للحائض:
ذهب الشيخ الألباني إلى جواز مس المصحف للحائض؛ لأن عمدة التحريم قوله ﷺ: ( لا يمس القرآن إلا طاهر) وذكر الشيخ الألباني أن الطاهر هو المؤمن سواء أكان محدثا حدثا أصغر أو حدثا أكبر، وأن المؤمن وإن كان محدثا فإنه لا ينجس، وقد عاب النبي ﷺ على أبي هريرة يوم خاف من مصافحة النبي ﷺ متعللا بأنه كان نجسا- يقصد على جنابة، فقال له : المؤمن لا ينجس، وهذا ما حكاه أبو هريرة بنفسه كما ذكر البخاري ومسلم، يقول أبو هريرة: ( لقيني رسول الله ﷺ وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل، فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد، فقال: أين كنت يا أبا هر. فقلت له، فقال: سبحان الله يا أبا هر، إن المؤمن لا ينجس).
ويقول الشيخ الألباني مقررا ما ذهب إليه:-
الأقرب – والله أعلم – أن المراد بالطاهر في هذا الحديث هو المؤمن ، سواء أكان محدثا حدثا أكبر أو أصغر أو حائضا أو على بدنه نجاسة ، لقوله ﷺ ” المؤمن لا ينجس ” ، وهو متفق على صحته ، والمراد عدم تمكين المشرك من مسه ، فهو كحديث : ” نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ” ، متفق عليه أيضا ، وقد بسط القول في هذه المسالة الشوكاني في نيل الأوطار.