أولا- يمكن لغير المسلم أن يحيّي بعبارة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ولكنّه لا ينال الأجر الذي يناله المسلم باعتبار هذه التحيّة سنّة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وغير المسلم لا يعتقد ذلك.
ثانيا- يجوز للمسلم أن يحيّي غير المسلم بلفظ السلام، روي هذا القول عن ابن عبّاس وابن مسعود أبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي والطبري، واختار هذا القول السيد رشيد رضا في تفسير المنار والشيخ الشنقيطي في أضواء البيان.
– ونحن نؤيّد هذا القول بناءً على الآيات الكريمة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق ومنها:
1- قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها) سورة النور الآية 26.
2- قوله تعالى: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) سورة القصص الآية 25.
3- قوله تعالى: (.. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً) سورة الفرقان الآية 63.
4- قوله تعالى: (وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل: سلام فسوف يعلمون) سورة الزخرف الآية 88.
5- قوله تعالى: (قال: سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفياً) سورة مريم الآية 47.
– وكذلك الأحاديث الصحيحة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق أيضاً أي تجاه جميع الناس:
1-(.. وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) متّفق عليه.
2- (لمّا خلق الله آدم، قال اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيّتك وتحيّة ذريّتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) متّفق عليه.
3- (أفشوا السلام..) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وابن حبّان في صحيحه.
4- أما الحديث الصحيح الذي اعتمد عليه جمهور العلماء حتى قالوا بكراهية التحية لغير المسلم بالسلام أو حرمتها فهو قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام..) رواه مسلم. فهو يتعلّق بحالة حرب كانت قائمة. يؤيّد ذلك روايات أخرى للحديث وهي صحيحة أيضاً: (إنا غادون على يهود، فلا تبدأوهم بالسلام) رواه أحمد والطبراني بسند رجاله رجال الصحيح. وكان هذا يوم غزو بني قريظة.
وفي رواية ثانية لأحمد: (إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام..) وهو صحيح كما جاء في الفتح الرباني. ونقل العسقلاني في فتح الباري رواية البخاري في الأدب المفرد والنسائي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: (إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام).
هذا الرأي (وهو جواز إلقاء التحية على غير المسلم بلفظ السلام) والذي قال به جمهور كبير من العلماء داخل المذاهب وخارجها يتأكّد بالنسبة لمن هو موجود خارج ديار الإسلام في حالة سلم، وضمن ما يعتبر ميثاقاً مع البشر الذين تعيش معهم سواء كان من أهل تلك البلاد أو مقيماً فيها. وذلك لأنّ مهمّته في هذه الحالة الدعوة. وإنّ الابتداء بالتحيّة من أخلاق الدعاة.
ثالثا- أما إذا حيا المسلم غير المسلم بلفظ السلام، فإنّ الردّ عليه يصبح واجباً لقوله تعالى: (وإذا حييتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها) سورة النساء الآية 86 فندب إلى الفضل وأوجب العدل، والعدل في التحيّة تقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه كما قال ابن القيّم (أحكام أهل الذمّة).
يراجع في هذ الموضوع كتب التفسير للآيات المشار إليها وخاصة تفسير القرطبي – والمنار لرشيد رضا – وراجع كتب شرح الأحاديث وخاصة: فتح الباري بشرح صحيح البخاري وشرح النووي على صحيح مسلم والفتح الرباني على مسند الإمام أحمد، وأحكام أهل الذمّة لابن القيّم.