من قتل نفسا خطأ فعليه الدية والكفارة، ولو اشترك جماعة في قتل واحد خطأ فعليهم دية واحدة، واختلف الفقهاء في تجزئة الكفارة ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الكفارة لا تتجزأ، فيلزم كل واحد من الشركاء كفارة كاملة، وذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه وأبو ثور والأوزاعي إلى أن الجميع عليهم كفارة واحدة قياسا على كفارة قتل الصيد في الحرم.

والكفارة الواجبة في القتل هي تحرير رقبة مؤمنة، وعند العجز عنها لعدم وجود العبيد في زماننا فيتم الانتقال من العتق إلى الصوم كما جاء في قوله تعالى في آية النساء (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء 92 ومن عجز عن الصيام ففي رواية عن أحمد والظاهر من مذهب الشافعية أنه يُطعِم سِتِّين مسكينًا، قياسًا على كفارة الظِّهَار وكفارة الفطر في رمضان .

جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي :
ومن شارك في قتل يوجب الكفارة لزمته كفارة، ويلزم كل واحد من شركائه كفارة هذا قول أكثر أهل العلم، منهم الحسن، وعكرمة، والنخعي، والحارث العكلي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى أن على الجميع كفارة واحدة، وهو قول أبي ثور، وحكي عن الأوزاعي، وحكاه أبو علي الطبري عن الشافعي , وأنكره سائر أصحابه .

واحتج من أوجب كفارة واحدة بقوله تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ). النساء 92  و(من) يتناول الواحد والجماعة، ولم يوجب إلا كفارة واحدة، ودية، والدية لا تتعدد، فكذلك الكفارة، ولأنها كفارة قتل، فلم تتعدد بتعدد القاتلين مع اتحاد المقتول، ككفارة الصيد الحرمي .

ولنا – الراجح عند ابن قدامة- أنها لا تتبعض، وهي من موجب قتل الآدمي، فكملت في حق كل واحد من المشتركين، كالقصاص، وتخالف كفارة الصيد، فإنها تجب بدلا، ولهذا تجب في أبعاضه، وكذلك الدية . أ.هـ