قد يوجد من الكفار من يتبرع لتشيد مسجد هنا ودار مناسبات هناك ومدرسة في مكان آخر ، ولا حرج على المسلمين فى أية جهة من العالم أن يتلقوا أى تبرعات ممن هم على غير ملتهم .
وقد أباح الله للمسلمين التعامل مع غيرهم في البيع والشراء والهبة كما أجاز الإسلام للمسلمين أن يعطوا من أموالهم الصدقات لمن هو غير مسلم [ بشرط ألا تكون من الزكاة ] كل هذا من قبيل تبادل التراحم فإذا حدث أن تبرع غير المسلم للمسلم فلا حرج من قبولها فقد صح ‏ ‏أن النبي ” ‏خرج إلى ‏ ‏بني النضير ‏ ‏وهم ‏ ‏يهود ‏معاهدون خرج إليهم يستعينهم في دية ‏‏ابن الحضرمي “رواه البخاري .

هل يجوز قبول التبرع من الكافر لبناء المساجد

يقول فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق (رحمه الله )شيخ الأزهر السابق:

إن البر والإحسان إلى الناس في الإسلام والتعاون بينهم في الطاعات وإقامة المصالح العامة كل ذلك جائز بين أهل الأديان المختلفة ؛ لأنها جميعا قد أمرت بالتراحم والتواصل والتعاون على البر، وقد ضرب الإسلام المثل الأعلى بالبر بغير المسلمين، فقد روى ابن أبي شيبه (‏ مصنف ابن أبي شيبة)‏ عن جابر بن زيد أنه سئل عن الصدقة فيمن توضع .‏
فقال في أهل ملتكم من المسلمين وأهل ذمتهم، وقال (‏وقد كان رسول الله يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس)‏ .‏
ولقد أباح الله سبحانه في القرآن الكريم تناول طعام أهل الكتاب وتزوج نسائهم في قوله تعالى : {‏ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان }‏ المائدة ‏5 ، توجهنا الآية الكريمة إلى حل التعامل مع أهل الكتاب (‏اليهود والنصارى)‏ وتبادل المنافع معهم وإباحة طعامهم ضيافة وشراء والتزوج من نسائهم .‏
هذا وليست مساهمة غير المسلمين في إقامة المساجد بالمال بأعلى شأنا من هذه المباحات في التعامل بنص القرآن الكريم مع غير المسلمين .‏
ثم إن في (‏ كتاب الأموال لأبى عبيد)‏ أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو من خلفاء المسلمين العلماء العاملين كتب إلى عامله على البصرة كتاباً ومما جاء فيه :
(‏وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وخلت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه)‏ -‏ ومعناه اجعل لمن هذا حاله راتبا دوريا ، ولا تدعه حتى يطلب بنفسه .‏
وبهذا الأساس قال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل رحمهم الله بجواز الهبة والوصية من غير المسلم للمسلم .‏
باعتبارها من عقود التبرعات والصلات التي تجوز بين أهل الأديان مادامت لغير معصية .‏

ولقد نصَّ الفقه الشافعي صراحة على جواز وصية غير المسلم ببناء مسجد للمسلمين، ولما كانت الوصية من عقود التبرعات، وكانت جائزة من غير المسلم ببناء مسجد للمسلمين، كان التبرع من غير المسلم فورا ببناء المسجد أو المساهمة في بنائه جائزا .‏