من ترك الصلاة عمدًا فقد ارتكب إثمًا عظيمًا، ولا بد أن يسأل عن سبب تركه للصلاة: هل تركها جحودًا لها وإنكارًا لشرعيتها؟ فإن كان كذلك فهو كافر؛ لأنه أنكر أمرًا معلومًا بالدين بالضرورة، وإن كان قد تركها كسلاً وتهاونًا، فهو مقصر تقصيرًا عظيمًا في حق مولاه، ولا بد أن يبادر بالتوبة النصوح قبل فوات الأوان.
كثير من الناس، يتهاونون في أداء صلواتهم، يصلون بعض الأيام، ويتركون الصلاة في بعضها الآخر، أو يصلون بعض الفرائض في اليوم، وأمثال هؤلاء على خطر عظيم، وعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يستغفروه، وأن يبادروا أيضًا بقضاء هذه الصلوات التي فاتتهم.

حكم تارك الصلاة:

يقول الشيخ ابن باز-رحمه الله تعالى-:

تارك الصلاة على حالين:
-إما أن يترك الصلاة مع جحد الوجوب، يرى أنها غير واجبة عليه، وهو مكلف، هذا يكون كافرا نعوذ بالله، لأن: من جحد وجوبها؛ كفر بالإجماع بإجماع المسلمين، وهكذا من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان على المكلفين، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا، وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الخمر وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الربا وقال: إنه حلال؛ كل هؤلاء يكفرون نعوذ بالله بإجماع المسلمين.
-وأما من تركها تهاونا وكسلا وهو يعلم أنها واجبة؛ فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من كفره كفرا أكبر، وقال: إنه يخرج من الإسلام ويكون مرتدا، كمن جحد وجوبها، لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يرثه المسلمون من الأقارب؛ لقوله في الحديث الصحيح: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، رواه مسلم.
ومن ذلك: ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، في مسند أحمد بإسناد جيد، عن النبي : أنه ذكر الصلاة يوما بين أصحابه وقال: من حافظ عليها؛ كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها؛ لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون و هامان و قارون و أبي بن خلف.
قالوا: وهذا يدل على أن الحشر مع هؤلاء يكون كفرا بالله، يكون تاركها كافرا بالله، فإن حشره مع هؤلاء الكفرة -بل رءوس الكفرة- يدل على أنه قد كفر كفرا أكبر.

حكم تارك الصلاة بالكلية كسلا وتهاونا:

تارك الصلاة بالكلية تهاونا أو كسلا، كافر كفرا مخرجا من الملة، وهذا مذهب الحنابلة، ووجه عند الشافعية، وقول عند المالكية، وبه قالت طائفة من السلف، وهو مذهب جمهور أصحاب الحديث، وذهب إلى هذا ابن تيمية وابن القيم.
الأدلة:
من الكتاب:
قول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)
من السنة:
عن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: “إنَّ بَينَ الرَّجُلِ وبينَ الشِّركِ والكُفرِ تَرْكَ الصَّلاةِ”
إجماع الصحابة:
قال عبدُ اللهِ بنُ شَقيقٍ العُقيليُّ: (كان أصحابُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَرَونَ شيئًا من الأعمالِ تَرْكُه كفرٌ غيرَ الصَّلاةِ).