قيام الليل من آكد السنن في الصلاة ، ولما تحدث العلماء عن قيام الليل والأسباب المعينة عليه ، فذكروا أن ينام شيئا من النهار ، حتى يستطيع الاستيقاظ ليلا ، ويستحب أيضا أن ينام من الليل باكرا ، ولكن لم يقل أحد من الفقهاء أن من شروط قيام الليل النوم بعد العشاء ، فلو صلى المسلم ولم يكن قد نام، فصلاته صحيحة مقبولة إن شاء الله تعالى ، وإنما النوم من عدمه يرجع إلى ظروف الإنسان نفسه .

يقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين :

صلاة قيام الليل من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ورد في فضلها نصوص كثيرة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك : قوله تعالى :( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) سورة الذاريات الآية 17 . وقال تعالى :( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ) سورة السجدة الآية 16 .

وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ] رواه مسلم . وصح في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكوراً ) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كتبا من الذاكرين والذاكرات ) رواه أبو داود بإسناد صحيح كما قال الإمام النووي في رياض الصالحين ص468 . وغير ذلك من النصوص .

وقد اتفق أهل العلم على أن صلاة الليل لا تكون إلا بعد صلاة العشاء ولا يشترط لصحة قيام الليل أن ينام الإنسان قبلها فلو بقي مستيقظاً إلى نصف الليل ثم صلى ما كتب له ثم نام فصلاته صحيحة باتفاق العلماء .

ومن العلماء من قال إذا نام الإنسان من أول الليل ثم استيقظ فصلى ما كتب له فهذا هو التهجد .

قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى :( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) سورة الإسراء الآية 79:[ والتهجد التيقظ بعد رقدة فصار اسماً للصلاة لأنه ينتبه لها .

فالتهجد القيام من الصلاة إلى النوم ، قال معناه الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم . وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد ! إنما التهجد الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة . كذلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ] تفسير القرطبي 10/308 .

وأفضل وقت لقيام الليل هو نصف الليل الآخر أو ثلث الليل الآخر فهذا أفضل من أوله وقد ورد في الحديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الليل أسمع ؟ قال : جوف الليل الآخر فصل ما شئت ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح .

وخلاصة الأمر أنه لا يشترط لصحة صلاة قيام الليل أن ينام قبلها .