النقاب أمر مختلف في حكمه بين الفقهاء ، ولا يحق للمنتقبة أن تأخذ على المتحجبة (التي تستر جميع جسدها عدا الوجه والكفين )،ولا تصفها بالتساهل والتسيب ، كما لايصح من المتحجبة أن تتهم المنتقبة بالتشدد والتعنت ،بل الواجب على الجميع أن يعشن في جو من التآلف والتحاب والجميع على الصواب إن شاء الله والعبرة بعد الالتزام بالنقاب أو الخمار أن يتحول هذا اللباس إلى منهج حياة يظهر في أخلاقنا ومعاملاتنا .
يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور، الأستاذ بجامعة الأزهر:
بالنظر في مسيرة التشريع الإسلامي وما نزل من القرآن الكريم وما جاء في السنة المطهرة في هذا الموضوع يتبين الآتي:
1- كان السفور من شأن الجاهلية واستمر هذا إلى أن نزلت آية الأحزاب في العام الخامس الهجري وفيها قول الله تعالى: “يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما “، وإدناء الجلابيب معناه أن تغطي المرأة وجهها وصدرها ولا تترك إلا مكان النظر بعينيها، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة، وبعد غزوة ” بني المصطلق ” وفي العام السادس نزلت آية النور وفيها قول الله تعالى: “وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”، يقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: ما ظهر منها الوجه والكفان والخاتم.
2- وما كان لحبر الأمة أن يتناقض مع نفسه، فقال هذا أولا في الآية الأولى فهذا هو ما نطقت به كلماتها، وقال ما قال في الآية الثانية فهذا تدرج في التشريع، ويبقى الأول وهو النقاب لمن رغبت وسمحت لها ظروفها بذلك ، وهو شيء طيب تحمد عليه، ويكون الثاني وهو ستر الجسد كله عدا الوجه والكفين هو الذي استقر عليه التشريع الإسلامي وهو الواجب على كل مسلمة.
3- ليس من خُلق الإسلام أن يعيب أحد الفريقين على الآخر، فمن أخذت بالعزيمة وارتدت النقاب فهذا أمر تستحق عليه الثناء ولها الأجر، ومن أخذت الرخصة فكشفت عن وجهها وكفيها فلا حرج عليها،ولكن إذا أبدت المرأة عن وجهها وكفيها فالواجب ألا تتزين بزينة تلفت إليها الأنظار، بما جرت عليه عادة بعض النساء المحجبات من استعمال المساحيق والأصباغ فهذا لم يرد في دين الله، فاختاري لنفسك ما تحبين ولا تثريب عليك في اختيار الخمار أو النقاب والله يوفقك وإيانا لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم.