الواجب إخلاص النية لله عز وجل في مقاطعة المنتجات الأجنبية، وسوف يبدل الله تعالى المغرم مغنما، ولنا في صحابة رسول الله الأسوة الحسنة، وحسبنا أن المقاطعة أمانة سوف نسأل عنها يوم القيامة.

يقول فضيلة الدكتور حسين شحاتة – أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر:
لقد ذُُكرت هذه الدعوى -أن المقاطعة سوف تسبب الفقر والعوز- ففي كتاب الله عز وجل في سورة التوبة عندما نزل قول الله تبارك وتعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) التوبة: 28 . فقد ورد في تفسير هذه الآية: أن الله أمر عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الذين هم نجس دينا عن المسجد الحرام وألا يقربوه، وبعد نزول هذه الآية بعث رسول الله بها عليا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وأمره أن ينادي في المشركين: أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فأتم الله ذلك وحكم به شرعا وقدرا.. وقال الناس: (لتقطعن عنا الأسواق ولتهلكن التجارة وليذهبن عنا ما كنا نصيب من المرافق) فأنزل الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء…) ولقد عوضهم الله عن تلك المكاسب بأموال الجزية التي يأخذونها من أهل الذمة. (ابن كثير: صفحة 334).

ولقد تحقق وعد الله عز وجل وربح التجار المسلمون أرباحا كثيرة في الدنيا والآخرة لأنهم أخلصوا العمل لله، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، وليأخذ المثبطون من هذه الآية العظة والعبرة، فإن كانت هناك خسارة اقتصادية ظاهرية فسوف تتحول إلى مكاسب في الدنيا والآخرة في الأمد القريب.

مقاطعة الرسول -- وحصاره في شعب أبي طالب.
ولقد استخدم المشركون والكفار سلاح المقاطعة ضد رسول الله في شعب مكة ثلاث سنوات للضغط عليه وعلى من آمنوا معه ليثنوهم عن دعوتهم، ولحق بالمسلمين خسائر اقتصادية واجتماعية ونفسية عديدة ولكن صبروا وصابروا ورابطوا ولم يرجعوا عن مبادئهم حتى حقق الله لهم النصر على أعدائهم وربحوا في التجارة مع الله.
ألم يكن لنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم والذين آمنوا معه الأسوة الحسنة والقدوة.

صور متميزة للمقاطعة في العصر الحديث:
وفي التاريخ المعاصر نماذج متميزة لفعالية سلاح المقاطعة كأحد الوسائل لتحرير البلاد من المحتلين الظالمين المعتدين نذكر منها على سبيل المثال:

– نموذج الزعيم المصري سعد زغلول، في مقطاعة البضائع الإنجليزية بعد ثورة 19 وكانت بداية خير ولقد حققت النماذج السابقة مقاصدها المشروعة ضد المعتدين ومنها التحرر والمحافظة على الهوية الوطنية بالرغم من الخسائر الاقتصادية الموقوتة والتي أعقبها مكاسب عظيمة.

المكاسب الاقتصادية والمعنوية للمقاطعة:
ومن المنظور الاقتصادي يجب النظر إلى المقاطعة الاقتصادية على أنها حرب ضد الأعداء ولا توجد حرب بدون تضحيات، ولقد قيل: إن النصر يحتاج إلى جهاد، ولا جهاد بدون تضحية عزيزة، بالتأكيد ستكون هناك خسائر اقتصادية تلحق بالدول العربية والإسلامية بسبب المقاطعة، منها على سبيل المثال: انخفاض حجم الاستثمارات وحجم السياحة وانقطاع المنح والمساعدات.. ولكن مقابل ذلك سوف تتحقق مكاسب اقتصادية ومعنوية منها:

– الحرية في اتخاذ القرار وتقوية الإرادة والمحافظة على الحيوية العربية والإسلامية.
– الخروج من طوق التبعية الاقتصادية الذليلة التي تقود إلى السلبية.
– الاعتماد على الذات وتنمية القدرات وحسن استخدام الإمكانيات والطاقات.
– الحث على الإبداع والابتكار، فالحاجة تفتق الحيلة.
– التقشف والتربية على الخشونة وعلى روح الجهاد بكل عزيز.
– حتمية التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية والإسلامية.
– إثبات قدرتنا على التضحية من أجل ديننا.

وسوف تقل الخسائر الاقتصادية للدول العربية والإسلامية إذا ما خططت ونظمت المقاطعة ووضعت لها البرامج الموضوعية في إطار مجموعة من السياسات الاستراتيجية على كل المستويات وعلى مستوى الأمة العربية والإسلامية، بحيث تتم وفق سلم الأولويات: حيث نبدأ بمقاطعة الكماليات والتحسينات يلي ذلك مقاطعة الحاجيات وهكذا.. وأن يتم ذلك وفق مخطط لإيجاد البديل الوطني وإن لم يوجد فالبديل من الدول العربية والإسلامية، وإن لم يوجد فالبديل من البلاد الأجنبية غير المحاربة وهكذا.