وردت الآية الكريمة من سورة الواقعة ضمن عدة آيات يناقش الله فيها منكري البعث بالأدلة التي تدحض دعواهم من إنكار البعث .
وسورة الواقعة خطها العام هو التذكير بيوم القيامة ،وبيان نعيم أهل الجنة وأهل النار ، والاستدلال بدلائل قدرة الله على إثبات الحشر والبعث والجزاء .
وقد بدأت الآية الكريمة باستفهام تقريري الغرض منه حمل المخاطب على الإقرار والتسليم ، والتخلي عن المعاندة والاستكبار. ومن يسمع هذه الجملة لا يسعه إلا أن يقر بالحق الكائن .
يقول الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه التحرير والتنوير في تفسير القرآن العظيم :
الفاء لتفريع ما بعدها على جملة “نحن خلقناكم ” ليكون الغرض من هذه الجمل متحدًا ، وهو الاستدلال على إمكان البعث ، فقصد تكرير الاستدلال وتعداده بإعادة جملة “أفرأيتم” .
ووجه الاستدلال إنشاء ما به الحياة بعد أن كان معدوما بأن كوّنه الله في السحاب بحكمة تكوين الماء .
فكما استدل بالحي من أجزاء ميتة عن عدم تقريبا إعادة الأجساد بحكمة دقيقة خفية ، أي : يجوز أن يمطر الله مطرًا على ذوات الأجساد الإنسانية يكون سببا في تخلقها أجساداً كاملة كما كانت أصولها، كما تتكون الشجرة من نواة .أهـ
وهذا الاستدلال على تقريب كيفية إحياء البعث من حيث اقتدار الله على تكوين الماء الذي هو أصل ما هو حي ، وبها قوام الحياة على استعادة الحياة للأجسام الفانية ،فكما خلق الله المادة التي وجدت بها الحياة أولا كذلك يوجد الله الحياة لتلك الأجسام الفانية عند البعث .
و أخيرا لا نقول : إن هذا هو مناط الإعجاز اليياني في هذه الآية الكريمة لأن العلماء يقولون إن عدم إدراك الإعجاز من الإعجاز . بل هي إشارة بسيطة الغرض منها محاولة استكشاف بعضاً من معاني النص القرآني المعجز .