القدر المطلوب في تعلم العقيدة هو معرفة الله تعالى بيقين، ومعرفة صادقة بنبيه الكريم ﷺ ، والكتاب المنزل عليه من عنده ، وأصول العقائد في الإلهيات والنبوات والأمور التي تتعلق بالغيب ، وذلك من خلال الكتاب والسنة الصحيحة ، وما يتوصل إليه العلم الحديث من معرفة بالله تعالى ، بعيدا عن المجادلات الفلسفية التي كان يمليها الترف العقلي في فترة من تاريخ هذه الأمة.
يقول فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :
الذي نؤكده هنا : أن على المسلم أن يتعلم من دينه ما يَعرف به ربه معرفة تصل إلى حد اليقين، ويعرف به نبيه محمدًا ـ ﷺ ـ ويستيقن بصدق نبوته، وصحة رسالته، وأن القرآن الكريم منزَّل عليه من عند الله تبارك وتعالى، بدلائل الإعجاز القرآني الكثيرة، ويعرف العقائد الأساسية في الإسلام: في الإلهيات، والنبوات، والغيبيات المتعلقة بالآخرة والعالم غير المنظور.. وأن يأخذ ذلك من كتاب الله تعالى بما فيه من بيّنات تقنع العقل، وتنير القلب، بعيدًا عن التقليد الأعمى، وعن المماحكات الجدلية، التي شاعت في علم الكلام، والتي أفسدت تفكير الخواص، واعتقاد العوام، وسر ذلك: تأثرها بفلسفة اليونان. ولهذا نادى المحققون والمجددون المسلمون بوجوب (ترجيح أسلوب القرآن على أساليب اليونان).
والمطلوب هنا : أن تكون دراسة العقيدة مبنية على أساسين :
1ـ القرآن الكريم، لا على أنه يتضمن أخبارًا وأدلة نقلية فحسب، بل بما يتضمنه وما ينبِّه عليه من براهين، لإثبات التوحيد والنبوة، والجزاء الأُخروي، وغيرها، فقد أنزله الله هدًى للناس، وبينات من الهدى والفرقان، وقد ناقش الطوائف المخالفة من الملاحدة والمشركين وأهل الكتاب، وردَّ عليهم بالأدلة العقلية، التي سماها القرآن (البينات).
والسنة النبوية مبينة لكتاب الله فيؤخذ من السنن الصحاح ما يبين القرآن، وما يسير في ضوئه.
2 ـ العلوم الكونية الحديثة، بما تكشف للناس من أدلة تعين الناس ـ وخصوصًا المرتابين والمتشككين ـ على الوصول إلى اليقين في وجود الله تعالى وفي وحدانيته، وإبداعه في كونه، وإحسانه لخلقه، وتقرب منهم الحقائق الدينية من النبوة وأمور الآخرة، بما يحمله الكون من براهين ناصعة، تحقق وعد الله تعالى في قوله: (سنُريهم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفسِهم حتى يتبيَّنَ لهم أنه الحقُّ) (فصلت: 53).