ليست البدعة كل ما استحدث بعد رسول الله ﷺ بإطلاق، فقد استحدث المسلمون أشياء كثيرة لم تكن في عهده ﷺ، ولم تُعَدّ بدعة، مثل استحداث عثمان أذانًا آخر يوم الجمعة بالزوراء [موضع بالمدينة ] لما كثر الناس، واتسعت المدينة.
فما كان من هذه الأعمال يدخل في إطار مقاصد الشريعة، لا يعد و لا يحسب في البدعة المذمومة، وإن كانت صورته الجزئية لم تعهد في عهد النبوة .
أما السنة الحسنة فهي القدوة التي يقتدي بها الناس.
ويفرق سماحة المستشار فيصل مولوي-رحمه الله تعالة- نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء بين البدعة والسنة الحسنة فيقول :
فالبدعة هي اختراع على غير مثال سابق. قال الله تعالى:”قل ما كنت بدعاً من الرسل” وإنما جاء عليه الصلاة والسلام مصدقاً لما جاء به الأنبياء ومتمماً لمكارم الأخلاق.
والفرق بين البدعة والسنة الحسنة هو أن ما جاء مخالفاً للدين ومتصادماً مع أصوله فهو بدعة ، وهو المراد بالنهي في الحديث: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، وحديث: “إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”.
أما السنَة الحسنة، فهي القدوة الصالحة التي يتأسى بها الآخرون ، والسنة السيئة هي القدوة السيئة التي يتأسى بها بعض الناس، وعلى هذا فالأولى تكون قدوة في الخير والبر والإحسان بما هو موافق لأصول الدين وأخلاقه، والثانية تكون قدوة في الشر والمنكرات التي نهينا عنها، وقد أوضح هذا كله الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أنه عليه الصلاة والسلام لما رأى قوماً عراة مجتابي النمار [مجتابي النمار : لا بسيها . والنمار : جمع نمرة كساء من صوف مخلط ] تمعر وجهه [ أي : تغير ] فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام ثم صلى ثم خطب فقال: أيها الناس اتقوا ربكم… ثم قال : تصدق رجل من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، فجاء رجل من الأنصار بصرّة، كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى تهلل وجه رسول الله ﷺ فقال:” من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء” أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة .