قال الله تعالى: (وَإِذَا قُرِيَء الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (سورة الأعراف: 204) تأمرنا الآية بالاستماع والإنصات لخُطبة الجمعة؛ لأن القرآن يُتلى فيها، ووجوب الإنصات قال به جمهور العلماء، وجعله بعضهم سُنَّة من آكد السُّنن، ومن هنا قالوا: إن الغفلة أو النوم وقت الخُطبة منهي عنه، يقول ابن سيرين ـ وهو من كبار التابعين ـ كانوا يكرهون النوم والإمام يخطب ويقولون فيه قولاً شديدًا، يقولون: مثلهم كمَثل سرية أخفقوا، يعني كمن رجعوا من الغزو بدون فائدة من قتال أو غنيمة، ورُوي في الحرص على اليقظة عند الخطبة أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “إذا نَعَسَ أحَدكم فليتحوَّل إلى مقعد صاحبه وليتحول صاحبه إلى مقعده
ويُؤْخَذُ من هذا أن الذي ينبِّه جاره في المسجد بغير كلام إذا غَفَلَ عن سماع الخُطْبة لا حرج عليه في ذلك؛ لأنه لم ينصرف عن سماع الخُطبة، ولم يشوِّش على أحد، بخلاف من يقول لغيره: أنصت، فإن في الكلام تشويشًا، وربما أثار عنادًا عند الآخر فيكثر اللغو. أخرج القرطبي هذا الحديث في تفسير سورة الجمعة من رواية سُمرة بن جندب رضي الله عنه.