الإجارة مباحة إذا أجر الإنسان نفسه في فعل شيء مباح ،سواء كان لمسلم أم لكافر ،أما الإجارة في معصية فلا تجوز ولو كانت لكافر ، والذي يباح في ذلك ما كان للضرورة ،وأن يكتفي المرء بالكفاف ،هذا في حالة الحاجة الماسة ،فإن كان له ما يسد رمقه ،ولوكان قليلاً يحرم عليه العمل فيما هو معصية للكافر ،والضرورة تقدر بقدرها.

حكم العمل عند الكافر فيما حرم الله:

يقول الدكتور خالد محمد عبد القادر أستاذ الشريعة بالجامعات اللبنانية :

‎‎ صورة هذا التساؤل : أن يؤجر المسلم نفسه لكافر، لبناء معبد للشرك، أو حمل محرم كخمر، أو ميتة، أو خنزير، أو بيعه، أو أن يعمل عنده في معاملات ربوية، أو في مصانع تنتج محرمات، أو ما شاكل ذلك.‏
‎‎ فقد ذهب الجمهور إلى حُرمة أن يؤجر المسلم نفسه لكافر في عمل كهذا.

فقد سئل الإمام مالك : المسلم يؤجر نفسه للكافر يحمل له خمرًا، فقال : (لا تصلح هذه الإجارة). وقال : (بل لا يعطى عليها إجارة).‏
‎‎ والقول بأنه لا يعطى عليها الأجر، رواية عن أحمد.
‎‎ وفي المدونة عن ابن القاسم فيمن رعى خنازير لكافر، قال : تؤخذ الإجارة من الكافر، ويتصدق بها على المساكين أدبًا للكافر، ولا يعطاها المسلم بل ويضرب أدبًا له.

‎‎ وسئل الإمام أحمد : أيبني مسلم للمجوس ناموسًا؟ فقال : لا يبني لهم. وقاله الآمدي، وكرهه الشافعي،ومثله الكنيسة، وما يماثلها عند أهل الكفر.
‎‎ وأما العمل في معاملات ربوية فمحرم، لحديث جابر : (لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال : (وهم فيه سواء)
‎‎ قال النووي : (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المرابين والشهادة عليهما) ، وفي الحديث أيضًا تحريم الإعانة على الباطل أيًّا كان نوعه.
‎‎ والنص هنا عام مطلق، بلا فرق بين من عمل بذلك في دار الإسلام أم في دار الكفر.‏
‎‎ نخرج من هذا إلى أنه يحرم على المسلم أن يبني للمشركين دارًا للكفر، أو أن يعمل لديهم ببيع خمر، أو بيع خنزير أو أي محرم آخر، لأنها أفعال محرمة.‏

حكم العمل عند الكافر فيما حرم الله للمضطر:

إذا اضطر لذلك جاز، ولكن فليعمل بقاعدة : (الضرورة تقدر بقدرها) فلا يتجاوز قدر الحاجة، ولا يتوسع في ذلك، وليكتف بالكفاف، وليعمل جاهدًا للخروج من هذا الواقع.‏

‎‎ وقد أفتى المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بحرمة العمل في المطاعم من غير ضرورة (أي المطاعم التي تقدم الخمر والخنزير)، وبحرمة تصميم معابد شركية، أو الإسهام فيها.‏
‎‎ وأما إذا اضطر للعمل في تلك المطاعم فيجوز، بشرط ألا يباشر نفسه سقي الخمر أو حملها، أو صناعتها، أو الاتجار بها، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم لحوم الخنزير، ونحوها من المحرمات.

شروط عمل المسلم عند الكافر:

يجوز للمسلم أن يؤجر نفسه للكافر بشروط منها : ‏
‏1- أن يكون عمله مباحًا.‏
‏2- أن لا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين.‏
‏3- ألا يشتمل على مذلة وإهانة.‏