يقول الشيخ حسنين مخلوف -رحمه الله-:
ذكر العبد المؤمن ربه تمجيد وثناء ، وتضرع ودعاء ، وإنابة واستغفار ، ومناجاة وسؤال ، وتَفَكُّر في آلاء الله ، وتدبر في صنع الله واستدلال بآياته على وحدانية ذاته ، ثم هو حب ووِصَال ، وكل ذلك يكون في السر وفي الجهر ، وفي الخَلْوة والجَلْوة ، وفي القيام والقعود ، وفي الصلاة وغيرها ، وفي تلاوة القرآن وسماعه ، وفي سائر الشؤون والأحوال .
وما خَلا قلب من ذكر الله إلا تغشته ظلمات ، وأَكَنَّتْه حُجُب ، وأحاطت به وساوس الشيطان ، فكان فيه الكفر والفسوق والعصيان .
وأما الصلاة على النبي ـ ﷺ ـ فقال القُشيري : هي من الله تعالى على نبيه تشريف له وزيادة تكرمة فهي رحمة خاصة ، وقال أبو العالية : هي من الله ـ تعالى ـ ثناء عليه عند الملائكة ، ومن الملائكة والناس دعاء له بزيادة الإنعام والإكرام .
قال تعالى: (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ومعناه كما رُوي عن ابن عباس أن الله ـ تبارك وتعالى ـ يُبارك لنبيه في أمره ويَزِيد في قَدْره ، والملائكة يَدْعُون ربهم أن يرفع ذكره ، وقيل : إن الله يترحم على النبي ، وملائكته يدعون له أ.هـ ، والمعاني متقاربة .
وصلاتنا على النبي ـ ﷺ ـ طلبٌ من الله تعالى ودعاء له أن يزيد في إنعامه وإحسانه وفَضْله على رسوله المصطفى من خَلقه ، وما من كمال إلا وعند الله أكمل منه ، وما من إحسان إلا وَفَوْقَه إحسان ، وذلك فَضْل الله يؤتيه من يشاء ، ففي الصلاة على النبي ذكرٌ لله ـ تعالى ـ إذ هو المدعو والمطلوب منه ذلك الفضل .
وأما ذكر الله تعالى فقد يكون في ضمن الصلاة على النبي ، وقد يكون مجردًا ليس معه صلاة على النبي نحو : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، بل قد يكون بمجرد القلب كما في حالة التفكير في الآلاء والتأمل في الآيات ، فبَيْن الذكر والصلاة عموم وخصوص مطلق يجتمعان في الصلاة على النبي ، وينفرد الذكر في الثناء المحض ، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.