التعزية في ذاتها مستحبة ، تطييبا لخاطر أهل الميت ، أما الجلوس للتعزية فجمهور العلماء على النهي عنه ، ويرى البعض أنه لا مانع من الجلوس للتعزية من يوم إلى ثلاثة أيام ،على أن تخلو من محرم كشرب الدخان ونحوه من المنهيات.

والتعزية لا فرق فيها بين الغني والفقير، فلا تكون بعد ثلاث إلا لعذر .

يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر:

إن التعزية في المصائب وفقد الأحباب مستحبة؛ لأنها تطييب لقلب من تعزيه ودعوة له بالصبر والاحتساب ودعوة للمتوفى بالمغفرة والجنة، وكل ذلك مشروع ومندوب إليه، والتعزية تكون قبل الدفن وبعده وتكون إلى ثلاثة أيام إلا لضرورة كسفر أو عدم علم فإنها تجوز بعد الثلاث.

والتعزية تؤدي بأي لفظ يخفف المصيبة ويحمل على الصبر والسلوان، ومن عبارات التعزية ما رواه البخاري عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: “أرسلت ابنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه أن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول:”إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب”.

والسنة أن يشيع المسلم الجنازة حتى يصلى عليها، والأفضل أن يتبعها إلى القبر حتى تدفن، ويقف بعد الدفن يستغفر له ويسأل الله له التثبيت، فقد روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان إذا دفن ميتا وقف، وقال: “استغفروا له، واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل” رواه أبو داود.

ثم يعزي أهل الميت وأقاربه وينصرف كل إلى حوائجه، وكره كثير من العلماء الجلوس للتعزية والاجتماع لذلك، ورأى آخرون أن الجلوس للتعزية لا بأس به إلى ثلاثة أيام من غير إسراف ولا ارتكاب محظور.

فإذا جلس أهل الميت للتعزية يوما أو أكثر إلى ثلاثة أيام فعليهم أن يكون مجلسهم في ذكر الله وتلاوة القرآن والاستماع والإنصات له، وعدم الحديث أثناء التلاوة أو شرب الدخان فإن ذلك من المنكرات التي ابتدعها الناس وكل بدعة ضلالة.

ومن أشد البدع التي شاعت بين الناس الجلوس للتعزية يوم الأربعين أو في الذكرى السنوية والدعوة إلى ذلك بوسائل الإعلان المختلفة، فإن ذلك فيه تجديد للأحزان ويحمل معنى السخط على قضاء الله، وكله من المنكرات التي يجب على المؤمن أن يبتعد عنها.