يشترط لوجوب الصوم على الفور بالنسبة للمرأة: الطهارة من الحيض والنفاس.
فأما الحائض والنفساء، فلا  يجب عليهما الصوم في الحال، لأنه لا يصح منهما حتى تطهرا .
وإنما حرم عليهما الصوم رفقًا بهما، ورعاية لحالتهما البدنية، والعصبية، ولم يجعل ذلك رخصة، مبالغة في الحرص على صحتهما الجسمية والنفسية.
فإذا صامت الحائض أو النفساء فقد ارتكبت حرامًا، ولم يجزئها الصوم، وعليها القضاء ولابد .
ومن حكمة الشارع ورحمته: أنه أوجب عليهما قضاء الصوم، ولم يوجب قضاء الصلاة وقد سئلت عن ذلك عائشة فقالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (رواه مسلم).
وقولها (كنا نؤمر) أي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بذلك، إذ هو صاحب الأمر عند الإطلاق .
وكلامها إنما هو عن الحيض، والنفاس في معناه، فقيس عليه بالإجماع .
والحكمة في قضاء الصوم دون الصلاة: أن الصلاة تتكرر، فيشق قضاؤها مشقة تفضي إلى الحرج، بخلاف الصوم، فهو في كل عام مرة .
وإذا طهرت في أثناء النهار – بمعنى انقطاع الدم عنها – يستحب لها إمساك بقيته، ولا يلزمها ذلك، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الإمساك عليها، والأول هو الصحيح .
وقد اختلف العلماء في تحديد أدنى مدة الحيض، ما بين ثلاثة أيام عند الحنفية ويوم وليلة عند الشافعية والحنابلة، ودفعة من الدم عند المالكية، كما اختلفوا في تحديد أكثره ما بين عشرة أيام وخمسة عشر يومًا .
والحق أنه لا يوجد نص صحيح من قرآن أو سنة على ذلك. والمرجع فيه هو المشاهدة والتجربة، والوجود الفعلي، ويمكن استشارة الأطباء المختصين في ذلك، فهم أهل الذكر والخبرة: (ولا ينبئك مثل خبير) (سورة فاطر: 14).
والمعروف أن الحيض يختلف من امرأة إلى أخرى، ومدار الحكم على وجود دم الحيض بأوصافه وخصائصه وعلاماته التي تعرفها المرأة (في الصحيح: أن دم الحيض أسود يعرف) .
وكذلك يعتقد كثير من النساء أن مدة النفاس أربعون يومًا، وليس ذلك بلازم. والحكم مرتبط بوجود الدم، والصحيح: أن لا حد لأقله، وأن أكثره أربعون يومًا. فما زاد فهو دم استحاضة .
ودم الاستحاضة – وهو الذي يعرف في عصرنا باسم (النزيف) – لا يمنع الصوم ولا الصلاة، ولا الصلة الزوجية.