للمرأة النفساء الحق في فترة نقاهة وراحة مدة النفاس، خاصة في أيامه الأولى التي تلي الولادة، وإذا كان الله تعالى أسقط الصلاة والصيام عنها في هذه الفترة تخفيفا منه تعالى ورحمة بها، فأولى بنا أن نرحمها، والراحمون يرحمهم الرحمن ، كما ينبغي لنا أن نساعدها ونكرمها .

اللهم إلا أن تجد في نفسها قوة على الخدمة، أو تضطر إليها فتكون بقدر الضرورة، ولكن لا يطلب منها ما يتعبها.

جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :

لقد علم الله تعالى أن الوضع أو الولادة تجهد المرأة وتتعبها، لما تبذل من جهد ومشقة في الطلق والزفرات حتى تضع وليدها ، كما قال تعالى: “حملته أم كرهًا ووضعته كرهًا” (الأحقاف: 15) .

ولا غرو أن أعفى الله تعالى المرأة بعد الولادة (أي في حالة النفاس) من الصلاة والصيام، وهما ركنان من أركان الإسلام، وإن كان الفرق بينهما: أن الصلاة في أيام النفاس لا يجب على المرأة قضاؤها بعد ذلك، بخلاف الصوم فإن أيامه تقضى بعد فترة النفاس، والمراد بها: الفترة التي ينزل فيها الدم بسبب الولادة، والنفاس في ذلك مثل الحيض فأحكامهما سواء.

ومن هنا نتبين أن الشارع الحكيم اعتبر المرأة النفساء في حالة تستوجب التخفيف عليها رحمة من الله تعالى بها، وعاملها كأن النفاس لون من المرض أصيبت به.

فمن الطبيعي ألا ترهق المرأة في تلك الفترة وتكلف بما يتعبها ويشق عليها، وقد جرت عادة المسلمين في البلاد الإسلامية أن المرأة النفساء هي التي تُخدَم وتُكرَم حتى تعود إليها عافيتها وتغدو في حالة طبيعية.

ولكن المرأة في حال الغربة تضطر إلى أن تخدم نفسها وطفلها وبيتها بحكم الضرورة ، لكن يجب أن تقدر تلك الضرورة بقدرها ، ولا ينبغي للضيوف والزوار أن يرهقوها من أمرها عسرًا أو يكلفوها فوق طاقتها ، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا ينبغي لزوجها أن يشدد عليها في ذلك ، فقد قال تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” (البقرة: 185) وقال صلى الله عليه وسلم: “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا” وقال: “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين” وهذه الأمور إنما يحكمها الذوق والفضل ومكارم الأخلاق .