هذا حديث ورد مرفوعًا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وموقوفًا على بعض الصحابة؛ فقد رواه الطبراني وغيره بسند فيه سعيد بن بشير، وهو ضعيف، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا؛ يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم

وأخرجه البيهقي وأبو نعيم، وعبد الله بن أحمد، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ موقوفًا؛ يعني على أبي هريرة دون أن يرفعه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال البيهقي عن روايته موقوفًا : إنها أصح من روايته مرفوعًا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

لكن للحديث شواهد تدل على أن له أصلاً مرفوعا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ وهو ما ينقله من مرتبة الضعف إلى مرتبة الحسن لغيره منها: (الشتاء ربيع المؤمن؛ طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه) رواه أبو يعلى والعسكري يتمامه، ورواه أحمد وأبو نعيم بالاقتصار على (الشتاء ربيع المؤمن)، كلهم رووه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، وفي سنده أبو الهيثم؛ ضعفه جماعة، ووثقه آخرون كابن معين وأضرابه.

ومنها ما أخرجه أحمد والترمذي وابن خزيمة والطبراني والقضاعي، عن عامر بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ رفعه بلفظ: حديث أنس، كما أوضح ذلك السخاوي في أماليه، وعزاه السيوطي في الجامع الصغير للبيهقي، عن أبي سعيد ـ رضي الله تعالى عنه ـ بلفظ: “الشتاء ربيع المؤمن، قصر نهاره فصامه، وطال ليلة فقامه”، وفي رواية كما قال المناوي ـ في شرحه للجامع الصغيرـ: “فصامه، وقامه .

ومعنى الحديث أن الصوم في الشتاء سهل يسير؛ لأن نهاره قصير، وبرودة الجو تمنع من العطش؛ فهو فرصة ينبغي على المسلم أن ينتهزها؛ فيكثر فيه من الصوم تقربا إلى الله ـ عز وجل ـ. وإذا جاء فيه رمضان كما هو الحال في أيامنا هذه فعليه أن يصومه وأن يدرب أطفاله وصبيانه ممن هم دون البلوغ وفوق التمييز على صومه؛ لأن الله ـ عز وجل ـ جعل الصيام المفروض في شهر عربي، والشهور العربية كشهر رمضان تأتي في الصيف حينا، وفي الخريف حينا، وفي الشتاء تارة، وفي الربيع أخرى؛ ليدرب المسلم على الصبر، وتقوية الإرادة، ومراقبة المولى ـ عز وجل ـ في كل وقت وحين.