يكره إفراد يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد بالصيام ويكره أن يفرد بالصيام كل عيد لليهود والنصارى وكل يوم يعظمونه في شريعتهم، وكذا يكره صوم الوصال، ويكره صوم الدهر.
الأيام التي يكره فيها الصوم:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
الصوم المكروه يشمل ما يلي :
أ – إفراد يوم الجمعة بالصوم : نص على كراهته الجمهور ، وقد ورد فيه حديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله – ﷺ – : (لا تصوموا يوم الجمعة، إلا وقبله يوم ، أو بعده يوم )، وفي رواية : ( إن يوم الجمعة يوم عيد ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ، إلا أن تصوموا قبله أو بعده ). وورد في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي ﷺ قال : (لا تصوموا يوم الجمعة وحده ).
وذكر في الخانية أنه لا بأس بصوم يوم الجمعة عند أبي حنيفة ومحمد ، لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يصومه ولا يفطر ، وظاهر هذا أن المراد ( بلا بأس ) الاستحباب ، وقد صرح الحصكفي بندب صومه ،ولو منفردا .
وكذا الدردير صرح بندب صومه وحده فقط ، لا قبله ولا بعده وهو المذهب عند المالكية ، وقال : فإن ضم إليه آخر فلا خلاف في ندبه . وقال الطحطاوي : ثبت في السنة طلب صومه ، والنهي عنه ، والأخير منهما : النهي . وقال أبو يوسف : جاء حديث في كراهة صومه ، إلا أن يصوم قبله أو بعده ، فكان الاحتياط في أن يضم إليه يوما آخر .
قال الشوكاني : فمطلق النهي عن صومه مقيد بالإفراد . وتنتفي الكراهة بضم يوم آخر إليه ، لحديث ( جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي ﷺ دخل عليها يوم الجمعة ، وهي صائمة ، فقال : أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفطري.
ب – صوم يوم السبت وحده خصوصا: وهو متفق على كراهته ، وقد ورد فيه حديث عبد الله بن بسر ، عن أخته ، واسمها الصماء رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله ﷺ قال : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه ). ووجه الكراهة أنه يوم تعظمه اليهود ، ففي إفراده بالصوم تشبه بهم ، إلا أن يوافق صومه بخصوصه يوما اعتاد صومه ، كيوم عرفة أو عاشوراء.
ج – صوم يوم الأحد بخصوصه: ذهب الحنفية والشافعية إلى أن تعمد صوم يوم الأحد بخصوصه مكروه ، إلا إذا وافق يوما كان يصومه ، واستظهر ابن عابدين أن صوم السبت والأحد معا ليس فيه تشبه باليهود والنصارى ، لأنه لم تتفق طائفة منهم على تعظيمهما ، كما لو صام الأحد مع الاثنين ، فإنه تزول الكراهة ، ويستظهر من نص الحنابلة أنه يكره صيام كل عيد لليهود والنصارى أو يوم يفردونه بالتعظيم إلا أن يوافق عادة للصائم.
د – إفراد يوم النيروز بالصوم: يكره إفراد يوم النيروز ، ويوم المهرجان بالصوم ، وذلك لأنهما يومان يعظمهما الكفار ، وهما عيدان للفرس ، فيكون تخصيصهما بالصوم – دون غيرهما – موافقة لهم في تعظيمهما ، فكره ، كيوم السبت . وعلى قياس هذا كل عيد للكفار ، أو يوم يفردونه بالتعظيم ونص ابن عابدين على أن الصائم إذا قصد بصومه التشبه ، كانت الكراهة تحريمية.
الصوم المكروه:
هـ –صوم الوصال: ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية في قول ) إلى كراهة صوم الوصال ، وهو : أن لا يفطر بعد الغروب أصلا ، حتى يتصل صوم الغد بالأمس ، فلا يفطر بين يومين ، وفسره بعض الحنفية بأن يصوم السنة ولا يفطر في الأيام المنهية .
وإنما كره ، لما روي عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما – قال : ( واصل رسول الله ﷺ في رمضان ، فواصل الناس . . فنهاهم ، قيل له : إنك تواصل ، قال : إني لست مثلكم ، إني أطعم وأسقى ). والنهي وقع رفقا ورحمة ، ولهذا واصل النبي ﷺ .
وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها ، وكذا بمجرد الشرب لانتفاء الوصال . ولا يكره الوصال إلى السحر عند الحنابلة ، لحديث أبي سعيد – رضي الله عنه – مرفوعا : ( فأيكم إذا أراد أن يواصل ، فليواصل حتى السحر )ولكنه ترك سنة ، وهي: تعجيل الفطر ، فترك ذلك أولى محافظة على السنة .
وعند الشافعية قولان : الأول وهو الصحيح : بأن الوصال مكروه كراهة تحريم ، وهو ظاهر نص الشافعي رحمه الله ، والثاني : يكره كراهة تنزيه .
و – صوم الدهر ( صوم العمر ) : ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والحنابلة وبعض الشافعية ) على وجه العموم إلى كراهة صوم الدهر ، وعللت الكراهة بأنه يضعف الصائم عن الفرائص والواجبات والكسب الذي لا بد منه ، أو بأنه يصير الصوم طبعا له ، ومبنى العبادة على مخالفة العادة .
واستدل للكراهة ، بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنهما – قال : قال رسول الله ﷺ : ( لا صام من صام الأبد ). وفي حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – قال : ( قال عمر : يا رسول الله ، كيف بمن يصوم الدهر كله ؟ قال : لا صام ولا أفطر ، أو لم يصم ولم يفطر )أي : لم يحصل أجر الصوم لمخالفته ، ولم يفطر لأنه أمسك .
وقال الغزالي : هو مسنون . وقال الأكثرون من الشافعية : إن خاف منه ضررا ، أو فوت به حقا كره ، وإلا فلا . والمراد بصوم الدهر عند الشافعية : سرد الصوم في جميع الأيام إلا الأيام التي لا يصح صومها وهي : العيدان وأيام التشريق.