يقول الدكتور السيد صقر، المدرس بجامعة الأزهر.
الإسلام لم يبح الاختلاط بين الرجال والنساء إذا خشيت معه الفتنة لا في الطواف ولا في غيره لما يترتب عليه من المفاسد المحققة، كالنظر المحرم وما يتبعه من منكرات، فقد روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت: شكوت إلى رسول الله ﷺ أني أشتكي، فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله ﷺ حينئذ يصلي إلى جنب البيت، وهو يقرأ: والطور وكتاب مسطور .
قال ابن حجر: أمرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها. انتهى
كيف يكون طواف النساء في الحج أو العمرة؟
قال الباجي في شرحه على الموطـأ: وأما المرأة فمن سنتها أن تطوف وراء الرجال، لأنها عبادة لها تعلق بالبيت، فكان من سنة النساء أن يكنَّ وراء الرجال كالصلاة. انتهى
وفي صحيح البخاري أن ابن جريج قال لعطاء: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة -أي معتزلة- من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأبت. ومعنى “انطلقي عنك” انطلقي عن جهة نفسك. أفاده ابن حجر.
وبهذا يتبين للمرأة ما أمر به الإسلام، وما شرعه رب الأنام.
حكم الاختلاط في الطواف؟
ما يحصل الآن حول الكعبة من اختلاط، مخالفة لما أمر به الشرع فليس دليلاً على الجواز، لأننا نأخذ ديننا من الوحيين لا من واقع الناس، وإذا اضطر الطائف للطواف مختلطاً بالنساء فعليه أن يتجنب ملامسة النساء، والنظر إليهن.
وإذا كان هذا في الطواف فأولى أن يكون في الصلاة، ولكن إذا لم يتيسر ترتيب الصوف كما يجب ووجد صف أو صفوف من النساء أمام صفوف للرجال ، أو وجد صف أو أكثر للرجال خلف صفوف النساء أثناء الصلاة رغما عن المصلين فإن هذا لا يفسد الصلاة، ولكن لا ينبغي أن يصلي الرجل بجوار المرأة الأجنبية بلا فاصل بينهما ولو بوجود مسافة على الأقل .
هل يجوز الإختلاط قياسا على الاختلاط في الطواف؟
قال علماء اللجنة الدائمة – ردّاً على من قال بجواز الاختلاط قياساً على الاختلاط في الطواف – :
أما قياس ذلك على الطواف بالبيت الحرام : فهو قياس مع الفارق ؛ فإن النساء كن يطفن في عهد النبي ﷺ مِن وراء الرجال متسترات ، لا يداخلنهم ولا يختلطن بهم .. .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
فإنَّ النساء كنَّ يطفن في عهد النبي ﷺ من وراء الرجال متسترات ، لا يداخلنهم ، ولا يختلطن بهم ، وكذا حالهن مع الرجال في مصلى العيد ، فإنهن كنَّ يخرجن متسترات ، ويجلسن خلف الرجال في المصلى ، وقد كان النبي ﷺ إذا خطب الرجال خطبة العيد انصرف إلى النساء ، فذكَّرهن ووعظهن ، فلم يكن اختلاط بين الرجال والنساء ، وكذا الحال في حضورهن الصلوات في المساجد ، كنَّ يخرجن متلفعات بمروطهن ، ويصلين خلف الرجال ، لا تخالط صفوفهن صفوف الرجال .