أولاً: سجود الملائكة لآدَم ليس سجود عبادة، بل سجود تحيّة.
ثانيًا: الذي أمر بذلك هو الله، ولابدّ من امتثال أمرِه، لكنّ لو أمر أحدٌ غيرُ الله بالسجود لغيرِ الله حرُم الأمر، وحرُم الامتثال.
جاء في الحديث النبوي “لو كنت آمِرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرْتُ المرأة أن تسجُد لزوجِها” رواه الترمذي وصححه.
وقال المفسّرون بعد اتفاقهم على أن سجود الملائكة لآدم لم يكن سجود عبادة:
إن الله أمرَهم أن يضعُوا جِباههم على الأرض، وذلك تكريمًا لآدم، أو كان السجود لله ولكنّ القِبلة هي آدم، كما يقال: صلّى الإنسان للقِبلة، أي: إليها، وقيل: إن السُّجود لم يكن سجودًا مادِيًّا بأية هيئة ولكنه سجودٌ مَعنويّ، وهو الإقرار والاعتراف بفضل آدم.
ومهما يكن من شيء فإن السُّجود للتحيّة ـ لا للعِبادة ـ ظلّ معروفًا من قديم الزمان حتّى زمن يعقوب ـ عليه السلام ـ قال تعالى عن يوسُف (ورَفَعَ أبويْه عَلى العَرْشِ وخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) (سورة يوسف : 100)
بل بَقِيَ إلى زمن الرسول ـ ﷺ ـ ولما رَأى الصّحابة سجود الشَّجَر والجَمل له قالوا: نحن أولى بالسُّجود لك، فقال: “لا يَنبغي أنْ يُسجَد إلا لله ربِّ العالَمين” وروى ابن ماجه في سننه والبستي في صحيحه أن معاذَ بن جبل لما قدِم من الشّام سَجَد لرسول الله ـ ﷺ ـ فقال “ما هذا؟ ” قال: يا رسولَ الله قدِمْتُ الشام، فرأيتُهم يسجُدون لأباطرتِهم وأساقِفتِهم، وأردت أن أفعلَ ذلك بكَ، فقال: “فلا تفعل، فإنِّي لو أمرت شَيئًا أن يسجُدَ لشيء لأمرْتُ المرأة أن تسجُدَ لزوجِها، لا تؤدّي المرأة حقّ ربّها حتّى تؤدّي حقّ زوجِها، حتى لو سألها نفسَها وهي على قَتَبٍ لم تمنَعْه
والقَتَبُ رَحْلٌ صَغير على قَدْر سَنام الجَمَل.
من هذا يُعرَف أن سجود العبادة ممنوع، وأن سجود التحيّة لآدم كان بأمرٍ من الله، وسجود إخوة يوسف كان للتحيّة أيضًا، ونَهى عنه الإسلامُ مطلقًا، حتّى لو كان للتحيّة.