التوبة الصادقة يمحو الله بها جميع الخطايا حتى الشرك قال تعالى ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ) الأنفال:38}
فمن اقترف عملا يوجب الردة وأراد أن يتوب فعليه أن ينطق بالشهادتين وأن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وشروط التوبة من الردة الندم على التفريط في جنب الله، وأن يعزم عزما صادقا على عدم الرجوع إلى ما يستجلب عليه غضب الله وعذابه، وأن يتبرأ مما أوجب ردته.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي:
قال الحنفية : توية المرتد أن يتبرأ عن الأديان سوى الإسلام ، أو عما انتقل إليه بعد نطقه بالشهادتين ، ولو أتى بالشهادتين على وجه العادة أو بدون التبري لم ينفعه ما لم يرجع عما قال إذ لا يرتفع بهما كفره .
قالوا : إن شهد الشاهدان على مسلم بالردة وهو منكر لا يتعرض له لا لتكذيب الشهود , بل لأن إنكاره توبة ورجوع , فيمتنع القتل فقط وتثبت بقية أحكام الردة .
قال ابن عابدين : ويحتمل أن يكون الإنكار مع الإقرار بالشهادتين . وإذا نطق المرتد بالشهادتين صحت توبته عند الحنفية , والشافعية , والحنابلة , لقوله عليه الصلاة والسلام : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله , فمن قال : لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله } . متفق عليه . وحيث إن الشهادة يثبت بها إسلام الكافر الأصلي فكذا المرتد .
فإذا ادعى المرتد الإسلام , ورفض النطق بالشهادتين , لا تصح توبته . وصرح الحنابلة بأن المرتد إن مات , فأقام وارثه بينة أنه صلى بعد الردة : حكم بإسلامه . ويؤخذ من ذلك أنه تحصل توبة المرتد بصلاته .
وقال الشافعية والحنابلة : لا بد في إسلام المرتد من الشهادتين فإن كان كفره لإنكار شيء آخر , كمن خصص رسالة محمد بالعرب أو جحد فرضا أو تحريما فيلزمه مع الشهادتين الإقرار بما أنكر .
قال الحنابلة : ولو صلى المرتد حكم بإسلامه إلا أن تكون ردته بجحد فريضة , أو كتاب , أو نبي , أو ملك , أو نحو ذلك من البدع المكفرة التي ينتسب أهلها إلى الإسلام , فإنه لا يحكم بإسلامه بمجرد صلاته ; لأنه يعتقد وجوب الصلاة ويفعلها مع كفره . وأما لو زكى أو صام فلا يكفي ذلك للحكم بإسلامه , لأن الكفار يتصدقون , والصوم أمر باطن لا يعلم .