الدخول الحقيقي الذي تترتب عليه أحكامه يحصل باللقاء الجنسي المعروف، وذلك عند جمهور الفقهاء، فالتقبيل أو الخلوة الخالية من ذلك لا تترتب عليه أحكام الدخول، لكن الإمام أبا حنيفة جعل للخلوة أحكامًا تشترك فيها مع الدخول، واشترط أن تكون الخلوة صحيحة، وتكون صحيحة إذا كان الزوج مع الزوجة في مكان يأمنان فيه من دخول أحد عليهما أو اطلاعه على سرهما، وألا يكون هناك ما يمنع من الاختلاط.

مستدلاً بما روه الدارقطني: “من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل” وبما روى عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى عليها الستور وأغلق الباب فلها الصداق كاملاً وعليها العدة، دخل بها أم لم يدخل. وحكى الطحاوي من أئمة الحنفية أن على هذا إجماع الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم.

فإذا لم تكن الخلوة صحيحة فلا تكون في الحكم كالدخول. كأن كانا في مكان لا يأمنان فيه من دخول أحد أو اطلاعه عليهما، أو كان معهما شخص ثالث يعقل، أو كان هناك مانع من الاختلاط.
والمانع إما حسي كالمرض أو صغر السن، أو كانت الزوجة بها مانع خلقي لا يمكن معه الاختلاط، وإما مانع شرعي كالحيض أو صيام رمضان أو إحرام بالحج أو العمرة.
والخلوة الصحيحة تشارك الدخول الحقيقي عند الأحناف في أحكام وتخالفه في أحكام، فالمشاركة في ستة:
1 ـ تأكد المهر كله للزوجة.
2 ـ وجوب العدة عليها إذا وقعت فرقة بعد الخلوة بها.
3 ـ وجوب نفقة العدة على المطلق.
4 ـ ثبوت نسب الولد منه.
5 ـ حرمة التزوج بامرأة أخرى محرم لها كالأخت وتزوج خامسة وذلك في أثناء مدة العدة.
6 ـ وقوع الطلاق عليها ما دامت في العدة.
والمخالفة في سبعة:
1 ـ لا يثبت بها إحصان فلا تجرم إن زنت.
2 ـ حرمة الربيبة فإن الشرط الدخول بأمها دخولاً حقيقيًا.
3 ـ حل المطلقة ثلاثًا لا يكون إلا بالدخول.
4 ـ الرجعة فلا تحصل عنده إلا بالاتصال الجنسي.
5 ـ إرجاعها بدون عقد فلا يجوز إلا بعد الدخول الحقيقي.
6 ـ الميارث فلا يرث أحدهما الآخر قبل الدخول الحقيقي لو طلقها ومات في العدة.
7 ـ لا تعامل معاملة الثيب لو طلقها قبل الدخول الحقيقي وأرادت ان تتزوج، بل تعامل كالبكر. (ملخص من كلام الشيخ عبد الرحمن تاج في كتابه: “أحكام الأحوال الشخصية ص 131-136).
ثم تحدث عن المذاهب بخصوص المهر، فقال: إن الخلوة الصحيحة توجب المهر كله عند الحنفية والحنابلة، ولا توجبه عند الشافعية.

وأما المالكية فقالوا: إن اخلى بها مدة طويلة كسنة مع عدم الموانع من المخالطة، كانت الخلوة كالدخول في تأكد المهر كله حتى لو اعترف الطرفان بعدم المخالطة.