الاجتماع على الطاعة محمود، وهو من التعاون على البر والتقوى ومما يزيد الهمة ويحرك النشاط، ولذلك شرع الاجتماع للصلوات الفرائض، ولبعض النوافل كالعيدين، والاستسقاء، والكسوف، وغيرها.
ولما آخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار في أول الهجرة بالمدينة كان بعضهم يبيت عند بعض، فيتناصحون في القيام والصيام, ومن ذلك، ما وقع لسلمان وأبي الدرداء.
فقد روى البخاري في صحيحه (1968) والترمذي (2413) عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء, فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا, فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال ﷺ: “صدق سلمان.
فإذا اتفق جماعة على تخصيص أيام للصيام أو ليالٍ للقيام.. أو نحوها، فينظر إن كان ذلك لاعتقاد فضيلة خاصة في هذه الأيام غير ما جاءت به الشريعة فهو بدعة؛ لأن التخصيص حكم شرعي لا يحق لأحد أن يقول فيه بغير توقيف “وربك يخلق ما يشاء ويختار” الآية، (القصص: 68). وإن كان ذلك مع عدم اعتقاد فضل خاص غير ما ورد به الشرع، ولكن لاعتبارات أخرى تتعلق بظروف الناس وفراغهم وشغلهم وارتباطاتهم، مع التغيير ومع عدم الإلزام بشيء ليس بلازم في أصل الشرع، وإنما هو من باب الحث والحض والتشجيع، والإعانة على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
وقد قال ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” رواه البخاري (1) ومسلم (1907). فما دام القوم ليس من اعتقادهم تخصيص شيء على شيء بغير موجب شرعي، وهم يغيرون هذه المواعيد باستمرار احتياطا لنفوسهم فهذا إن شاء الله حسن.