الله سبحانه وتعالى جعل من مصارف الزكاة العاملين عليها، وهم القائمون على جمع الزكاة، ونقلها، وتوزيعها، فيجوز إخراج أجور ونفقات الموظفين من أموال التبرعات بالقدر الذي يلزم لإيصال هذه التبرعات لمستحقيها، أما عن صرف أموال التبرعات لغير ما خصصت له، فالأصل أنه يجب صرف أموال التبرعات فيما عينه المنفق، مراعاة وتنفيذًا لأمره، ولكن إن وجدت ضرورة قصوى حلت بالمسلمين لا يمكن دفعها إلا بهذا فلا حرج في ذلك والضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر بل ينبغي الوقوف عند القدر الذي تندفع به هذه الضرورة..
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي –بمكة المكرمة- في دورته العاشرة ما يلي:
يجوز أن يدفع من التبرعات، النفقات التي تلزم لإيصال هذه التبرعات إلى من خصصت لهم، والجهات المعنية لصرفها فيها، سواء من ذلك رواتب الموظفين، أو أجور العمال، أو نفقات الشحن، أو تذاكر المسافرين لمصلحتها، أو غير ذلك، مما لا يمكن بدونه وصول هذه التبرعات إلى أصحابها المخصصة لهم، وهذه النفقات وإن كانت من أموال دفعت زكاة، فهؤلاء يعتبرون من جباتها وعمالها، وإن كانت من صدقات مطلقة، وهبات، فمقيسة عليها من باب أولى. ولكن يجب أن يلاحظ في هذه النفقات أمران:
الأول: أن تكون بقدر العمل الذي يقوم به الموظف أو العامل، وبقدر النفقات الضرورية لصالح أعمال هذه التبرعات.
الثاني: أن تكون هذه الأجور والنفقات مؤقتة، من أموال التبرعات، فلا يرصد منها لعمل غيره، ولا يستمر الموظف، أو العامل يتقاضى رواتبه ومكافآته منها، بعد انتهاء أعماله.
وفيما يتعلق بإنفاق أموال التبرعات لغير ما خصصت له جاء في قرار المجمع ما يلي:
الأصل: عدم جواز صرف ما عين لجهة من الجهات، أو فرد من الأفراد، وألاَّ يعدل به إلى غيره، لما في ذلك من مخالفة لنص المتبرع، والمنفق، ومقصده، ولما فيه من الظلم للمقصود بالهبة أو الصدقة، فيجب صرفه فيما عينه المنفق، مراعاة وتنفيذًا لأمره، وإيصالاً للحق إلى صاحبه. وهذا شبيه بما نص عليه العلماء- رحمهم الله- في باب الوقف، وباب الوصايا، التي توقف أو يوصى بها لجهة معينة. ولكن يستثنى من ذلك: ما إذا حدث في بعض المسلمين ضرورة قصوى، لا يمكن تلافيها بدون ذلك، فحينئذ لا مانع شرعًا من جواز صرف ذلك، فقد أباح الله تعالى للمضطر أكل لحم الميتة، كما أباح الانتفاع بمال الغير بغير إذنه، ولكن يعتبر هذا التصرف بحال الضرورة. ” .