من يسبح باليدين فقد أصاب أصل السنة لثبوت ذلك في الحديث، ولكن التسبيح باليد اليمنى أفضل ، وكلاهما جائز .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ
التسبيح بعد الصلاة من السنن الثابتة عن رسول الله ﷺ وردت فيه أحاديث كثيرة منها :
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : ( معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ، ثلاثاً وثلاثين تسبيحة وثلاثاً وثلاثين تحميدة وأربعاً وثلاثين تكبيرة ) رواه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : ( من سبح لله في دبر كل صلاة ، ثلاثاً و ثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين تكبيرة ، وقال تمام المئة ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) رواه مسلم ، وغير ذلك من الأحاديث .
والسنة في التسبيح أن يكون باليدين ،لما ورد في ذلك عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: ( رأيت رسول الله ﷺ يعقد التسبيح بيده ) رواه الترمذي والحاكم والبيهقي ، وهو حديث صحيح
وعن يسيرة بنت ياسر – وكانت إحدى المهاجرات – قالت: قال لنا رسول الله ﷺ : ( عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات ) رواه أبوداود والترمذي والحاكم وصححه . وهذا الحديث يدل على عقد التسبيح باليدين اليمنى واليسرى ، ورواية أبي داود السابقة تدل على عقد التسبيح باليمنى فقط .
قال بعض أهل العلم : إن رواية أبي داود والتي فيها ( بيمينه ) مدرجة من الراوي إذ ليست في الأصول ، إلا أن ابن علان في شرحه على الأذكار لم يرتض ذلك ، ووفق بين الحديثين بقوله: ” هذا وحديث يسيرة السابق ، عقد الأنامل فيه شامل لكلا اليدين وحينئذ فإما أن يحمل على اليمين ليوافق حديث ابن عمرو أو يبقى على عمومه بالنسبة لحصول أصل السنة ويحمل خبر ابن عمرو على بيان الأفضل ، أو يحمل حديثهما على ما احتيج إلى اليدين ، وحديثه على ما إذا كفى أحدهما ” ، الفتوحات الربانية 1/255 .
إن من يسبح باليدين فقد أصاب أصل السنة لثبوت ذلك في الحديث، ولكن التسبيح باليد اليمنى أفضل لأن النبي ﷺ كان يحب التيامن دائماً . وما أشار إليه حديث يسيرة ( فإنهن مسؤولات مستنطقات ) فيه إشارة إلى قوله تعالى: ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة النور /24 . فالله سبحانه وتعالى ينطق الجوارح بقدرته فتخبر كل جارحة منها بما صدر عنها من أفاعيل صاحبها ، كما قال الألوسي في تفسيره 9/324 .