صلاة الجمعة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا تسقط إلا عن أربع نص عليهم حديث رواه أبو داود، “الجمعة حق واجب على كل مسلم فى جماعة، إلا أربعة ، هم: العبد المملوك ، والمرأة، والصبى ، والمريض “، وكذلك المسافر ما دام مسافرا ، و لا يجوز ترك صلاة الجمعة للعمل ،إلا إذا كان يترتب على ترك العمل مفسدة كبيرة ، مثل أعمال رجال الأمن والمرور ونحوهم، وتجب عليهم صلاة الظهر جماعة إن قدروا على ذلك ،أو فرادى إن تعذر عليهم . .

يقول فضيلة الدكتور حسام عفانة – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين -:
من المعلوم أن صلاة الجمعة فرض على كل مكلف بها لقوله تعالى :( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .
وصلاة الجمعة هي فرض الوقت يوم الجمعة وليس صلاة الظهر كما يظن بعض الناس فصلاة الجمعة هي الأصل وصلاة الظهر بدل عنها، ولا يجوز للمسلم المكلف بصلاة الجمعة أن يتركها لغير عذر شرعي وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من يترك الجمعة لغير عذر وأن تاركها يطبع الله على قلبه فيصير قلبه قلب منافق والعياذ بالله وقد ورد في ذلك أحاديث منها :
1. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة :( لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) رواه مسلم .
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لينتهين أقوام عن ودعهم – أي تركهم – الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) رواه مسلم .
3. وعن أبي الجعد الضمري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه ) رواه أصحاب السنن وغيرهم وهو حديث صحيح .
4. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين فيتعذر عليه الكلأ فيرتفع ثم تجيء الجمعة فلا يجيء ولا يشهدها وتجيء الجمعة فلا يشهدها فيطبع على قلبه ) رواه ابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني . والصبة : المجموعة من الغنم ما بين العشرين إلى الثلاثين وقيل غير ذلك من العدد.

ومن خلال هذه الأحاديث يظهر لنا عدم جواز ترك الجمعة ولا يعد العمل يوم الجمعة عذراً لتركها ولا يجوز للمسلم أن يشتغل في عمل يصده عن أداء ما فرض الله عليه ولو أدى ذلك إلى تركه للعمل.
قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) . ولتعلم أخي المسلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وتذكـر قول الله سبحانـه وتعـالى :( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) وقولــه تعالى :( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) . انتهى..

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية- :

الأصل وجوب الجمعة على الأعيان لقول الله سبحانه وتعالى :
( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) الجمعة /9 .

ولما روى أحمد ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : ( لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) أحمد (1/402) ، ومسلم (1/452) .

ولما روى مسلم عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما ، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) ، ولإجماع أهل العلم على ذلك .

ولكن إذا وجد عذر شرعي لدى من تجب عليه الجمعة كأن يكون مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن عمل يتصل بأمن الأمة وحفظ مصالحها ، يتطلب قيامه عليه وقت صلاة جمعة كحال رجال الأمن والمرور ونحوهم ، الذين عليهم النوبة وقت النداء الأخير لصلاة جمعة أو إقامة الصلاة جماعة فإنه وأمثاله يعذر بذلك في ترك الجمعة والجماعة لعموم قول الله سبحانه : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، وقول رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) ، ولأنه ليس بأقل عذراً ممن يعذر بخوف على نفسه أو ماله ونحو ذلك ممن ذكر العلماء أنه يعذر بترك الجمعة والجماعة مادام العذر قائماً .

وغير أن ذلك لا يسقط عنه فرض الظهر ، بل عليه أن يصليها في وقتها ، ومتى أمكن فعلها جماعة وجب ذلك كسائر الفروض الخمسة .