سَبُّ أصحابِ رسولِ اللهِ كفرٌ يُخرج من الملة، ومن فعل ذلك ليس من المسلمين؛ لأنه مخالف لما جاء عن رسول الله () من قوله: “لا تسبوا أصحابي، فوالله لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه” صحيح ابن ماجه؛ ولأن الإسلام وصلنا عن طريق هؤلاء الصحابة، فلو أن مسلمًا اعتقد فيهم الفسق وعدم الأمانة، وأنهم خانوا الله والرسول، لكان هذا طعنًا في الدين كله.

ولهذا يجب نصح الجاهل بحدود الله وحق أصحاب رسول الله نصيحةً تذهب ما علق في ذهنه وعقله وقلبه من شبهات، ويُذهِب ما في نفسه من عقيدة فاسدة في هؤلاء الصحابة (عليهم رضوان الله جميعًا)، أما ترك من سب الصحابة ومقاطعته فليست من الحكمة في شيء، ولعله من الجهلاء الذين يحتاجون إلى من يبصرهم ومن يعلمهم.

حكم سب الصحابة

لا يجوز لأحد أن يسب أصحاب رسول الله () أو أن يسخر منهم، أو أن يستهزأ بهم، فمن فعل ذلك فقد ارتكب إثمًا عظيمًا، وهو فاسق خارج عن الملة، إلا أن يتوب إلى الله عز وجل.

وقد حكم الأئمة الأعلام بكفر من سب أصحاب رسول الله () أو سخر منهم على الرأي الصحيح، وهناك من حكم بفسق هؤلاء، وعلى من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة قبل فوات الأوان.

ومِنْ أحسن مَنْ فصَّل في هذه القضيَّة، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في آخر كتابه (الصارم المسلول على شاتم الرسول): حيث قال: “فأما من سب أحداً من أصحاب رسول الله  من أهل بيته وغيرهم: فقد أطلق الإمام أحمد أنه يُضْرَب ضرباً نكالاً، وتَوَقَّفَ عن كفره وقتله”.

هل يجوز سب الصحابة

اتَّفق الفقهاء على أنَّ من رأى أنَّ سب الصحابة جائز حلال شرعاً فإنّه يكفر لاعتقاده بذلك؛ إذ إن ذلك يُعتبر إنكاراً لأمرٍ معلومٌ من الدين بالضرورة وهو حبُّ الصحابة وتفضيلهم على سائر الخلق.

وكذلك الأمر في من سب الصحابة جميعاً أو سبَّ أكثرهم إلا نفراً يسيراً، أو سبَّ صحابياً واحداً فقط ما دام قد اعتقد بأن ذلك مباحٌ جائز.

يقول السبكي رحمه الله في الفتاوى: (إنّ سب الجميع بلا شك أنه كفر، وهكذا إذا سب واحدًا من الصحابة حيث هو صحابي؛ لأن ذلك استخفافٌ بحق الصحبة، ففيه تعرضٌ إلى النبي ، فلا شك في كفر الساب … ولا شك أنه لو أبغض واحدًا منهما – أي الشيخين أبي بكر وعمر – لأجل صحبته فهو كفر، بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته كان كافرًا قطعًا).