عجيب أمر أولئك الذين يريدون أن يكون التحريم بنص من القرآن يذكر اسم الشيء المحرم ، ولو غيروا اسمه الحقيقي ، ولكن الإسلام ينظر إلى أصل الشيء لا إلى مسماه، فإن سمى الناس الشيء الحرام بغير اسمه ، فليس هذا بدليل على عدم التحريم .
فمن سمى الرشوة هدية، والخمر بغير اسمه، والربا بيعا ، فكل هذا لا يضر .
كما أن القرآن الكريم هو مصدر الأحكام الشرعية، فهناك السنة النبوية، وإجماع العلماء والقياس، وغيرها من أدلة الاجتهاد، والقرآن كان عاما مجملا، ولو جاء مفصلا لصعب على الناس حفظه، ولشق عليهم أمره، وقد فصلت السنة أحكامه، ونظر الفقهاء إلى علل الأحكام، وبنوا عليها كثيرا من الأحكام والفتاوى، وهؤلاء يغشون أنفسهم، ويستخدمون الجدال مع الناس، فلا يلتفت إلى كلامهم، ولا ينظر إلى دعاويهم .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
كما حرم الإسلام كل ما يفضي إلى المحرمات من وسائل ظاهرة، حرّم التحايل على ارتكابها بالوسائل الخفية، والحيل الشيطانية، وقد نعى على اليهود ما صنعوه من استباحة ما حرم الله بالحيل، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود وتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل). (ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان جـ 1 ص 348 وقال: رواه أبو عبد الله بن بطة بإسناد جيد يصحح مثله الترمذي).
ذلك أن اليهود حرّم الله عليهم الصيد في يوم السبت، فاحتالوا على هذا المحرّم، بأن حفروا الخنادق يوم الجمعة. لتقع الحيتان يوم السبت، فيأخذوها يوم الأحد. وهذا عند المحتالين جائز، وعند فقهاء الإسلام حرام، لأن المقصود الكف عما ينال به الصيد بطريق التسبب أو المباشرة.
ومن الحيل الآثمة تسمية الشيء الحرام بغير اسمه، وتغيير صورته مع بقاء حقيقته. ولا ريب أنه لا عبرة بتغيير الاسم إذا بقي المسمى، ولا بتغيير الصورة إذا بقيت الحقيقة.
فإذا اخترع الناس صورًا يتحايلون بها على أكل الربا الخبيث، أو استحدثوا أسماء للخمر يستحلون بها شربها، فإن الإثم في الربا أو الخمر باق لازم. وفي الحديث:(ليستحِلّنّ طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) رواه أحمد.
(يأتي زمان على الناس يستحلون الربا باسم البيع). (ذكره في إغاثة اللهفان جـ 1 ص 352).
ومن غرائب عصرنا أن يسمى الرقص الخليع (فنًا) والخمور (مشروبات روحية) والربا (فائدة) وهكذا.