يقول الله سبحانه: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوَلئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (سورة الإسراء:36 )، ويقول: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (سورة ق:18 )، ورَوى مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال: ” كفي بالمرء كَذِبًا أن يُحَدِّث بكل ما سَمِع”، وروى مسلم أيضًا أنه ـ ﷺ ـ قال: ” بحسْب المرء مِن الكذب أن يُحَدث بكل ما سَمِع”، وروى أبو داود بإسناد صحيح أنه ـ ﷺ ـ قال: ” بِئْسَ مَطِيَّةُ الرجل زعموا.
هذه النصوص تُنفِّر من الإسراع في رواية حديث أو حكاية خبر أو إصدار حكم قبل أن يتثبَّت الإنسان منه، والله ـ سبحانه ـ سائلُ مَن تَجرَّأ على ذلك يوم القيامة، ومُطِّلع على نيَّته، وتشتد حرمة الكذب إذا نُسب إلى الله سبحانه أو إلى الرسول ـ ﷺ ـ والله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ الذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) (سورة النحل:116 )، والرسول ـ ﷺ ـ يقول: “مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فلْيَتَبَّوْأ مَقْعَدَه من النار” رواه البخاري ومسلم. وكما يَحْرُم الكذب في نقل الآيات والأحاديث يَحْرم في الحكم على الشيء بالحِل أو الحرمة؛ لأن ذلك من اختصاص الله سبحانه وما أَذِنَ فيه للرسل، قال تعالى: ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) سورة النحل:116).
ونسبة أقوال أو أفعال إلى غير مَن لم تَصْدر عنه كذِب عليه وفيه إيذاء وضرر والله يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) سورة الأحزاب:58)، وفي الحديث: ” لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.
وأكثر مَن يَلجئون إلى هذه الطريقة مُراءون غيرُ مُخلصين لله، يُريدون أن يتحدَّث الناس عنهم بكثرة العِلم، أو يَنالوا منهم مَغْنمًا دُنيويًا، والرِّياء شِرْك مُحبِط للثواب والوعيد عليه شديد في نصوص القرآن والسنة، ومعلوم أن الرسول ـ ﷺ ـ كان إذا سُئل لا يُجيب إلا بِمَا يَعلم، فإنْ كان عنده علم أجاب، وإلا رجع إلى الله سبحانه، والوقائع شاهدة على ذلك، كما في سؤالهم له عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف، وعن خير البقاع وشرها، والحديث معروف في قيام الجهلاء بالفتوى بعد موت العلماء، فضلوا وأضلوا.