إذا كان الأب قد وضع المال في بنك ربوي بناء على قول عالم أفتاه بذلك فيجوز الانتفاع بكل ماتركه، أما إذا كان وضعه في البنك كما يضع كثير من الناس دون أن تشغله قضية الحلال من الحرام فإذا عرف قدر الربا فيخرج في مصارف البر والخيرات، وينتفع بالباقي، وإذا كان الإبن فقيرا محتاجا فانتفع به، فليس من المعقول أن يطلب منه أن يطهر ماله في وجوه الخير للفقراء والمساكين، ثم يجلس الإبن يتكفف الناس.
وقد سئل الإمام ابن تيمية سؤالا مثل هذا فأجاب بقوله:
أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن وإلا تصدق به. والباقي لا يحرم عليه؛ لكن القدر المشتبه يستحب له تركه، إذا لم يجب صرفه في قضاء دين أو نفقة عيال.
وإن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء، جاز للوارث الانتفاع به. وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين.
ويقول ابن تيمية أيضا مبينا أن العقود الفاسدة مثل الربا لا يجب ردها، إن تم التقابض بين المترابيين مع اعتقاد جواز ذلك:
كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقرير: مثل المعاملات الربوية التي يبيحها مجوزو الحيل ، ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته ، ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بعضها؛ فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك؛ لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد.
وأما إذا تحاكم المتعاقدان إلى من يعلم بطلانها قبل التقابض أو استفتياه إذا تبين لهما الخطأ فرجع عن الرأي الأول فما كان قد قبض بالاعتقاد الأول أمضي.
وإذا كان قد بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوية؛ أسقطت الزيادة ورجع إلى رأس المال، ولم يجب على القابض رد ما قبضه قبل ذلك بالاعتقاد الأول كأهل الذمة وأولى لأن ذلك الاعتقاد باطل قطعا . انتهى.