من خلق المسلم أنه إذا قام بعمل أن يتقنه وبهذا أمرنا الله تعالى ورسوله ، وما دام المسلم قد ارتضى العمل فعليه أن يبذل الجهد في اتقان عمله، وعدم حصوله على المال الموازي للتعب والجهد لا يكون مبررا للتقصير في العمل.

ومن يتضرر من العمل ويجد أنه لا يناسب طموحاته ويجد أن فرصته في غيره أو وجد أن هذا العمل به الكثير من الشبهات فعليهبالبحث عن عمل آخر غيره، ويقول الله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.

ما حكم إتقان العمل في الإسلام

الحكم الشرعي لإتقان العمل هو الوجوب: فلا يجوز ولا ينبغي للمسلم أن يهمل عمله أو يسوفه ويقصر في تأديته على الوجه المطلوب والأدلة على ذلك كثيرة منها :

-يقول تعالى : { وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (سورة البقرة : 195)، إن الإحسان ذو جانبين، عمل الحسن أو الأحسن ثم الشعور أثناء العمل بأن الله يرانا أو كأننا نراه، وهذا هو تعريف الرسول للإحسان بأن :” تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

-ويقول عز وجل: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (سورة الملك : 2)؛ أي يبتلينا ليرى أينا أفضل عملاً، من حيث العمل الصالح، وجودة ما عمل.

-وفي السنة أمرنا رسول الله بالإتقان حيث قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء”، وكتب يعنى فرض، والإحسان: الإتقان – كما عرفنا قريبا – كما أن الإتقان في العمل هو من باب أداء الأمانة على أحسن وجه، وهي من الأخلاق المهمة التي يجب أنْ يتَّصِف بها العامل ، يقول نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم مُؤَكِّدًا على أهميَّة الأمانة: “لا إيمان لِمَن لا أمانة له”، ويقول كذلك: ” أدِّ الأمانة إلى مَن ائتَمنَك، ولا تخن مَن خانَك ” .

الباعث على إتقان العمل

الإخلاص هو الباعث الذي يحفِّز العامل على إتقان أعماله، ويدفعه إلى الإجادَة فيه، ويُعِينه على تحمُّل المتاعب فيه، وبذْل الكثيرٍ من جهده في إنجازه.كما أن توافر هذا الخلق الكريم في العامل من العوامل الرئيسة التي تَحُول دون وقوع الخلل والانحِراف عن الطريق الصحيح في أداء العمل، فهو بمثابة صمام الأمان ضدَّ الفساد بكلِّ صوره وأشكاله.
ومن معاني الإخلاص وصوره المتعدِّدة وجودُ الرقابة الذاتيَّة في العامل، ومبعث هذه الرقابة إحساسُ العامل

فعلينا أن نتواصى بإتقان العمل، ونجعل ذلك حالة عامة يلتزم بها جميع أفراد المجتمع كما يقول تعالى : { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } (سورة العصر: 3)، ولنعلم أن الله رقيب على أعمالنا، إن المسلم اليوم مطالب باستيعاب هذا المبدأ العظيم من مبادئ ديننا الحنيف، وبترسيخ هذه القيمة التربوية الحياتية العظيمة في واقعنا وسلوكنا، وأن نجعلها واقعا معاشا لأنها تمثل معيار سلامة وقوة شخصية الفرد وكذلك سمة التغيير الحقيقي فيه.