نظر الفقهاء لمسألة الإكراه على الفطر في رمضان على أساس تقديم النفس وحمايتها من الموت ، لذا اختلف الفقهاء هل على المكره قضاء الصوم أم لا ؟ فالمالكية والحنفية على أن المكره على الفطر عليه أن يقضي اليوم الذي أكره عليه ، وهناك تفصيل للأحناف فى المسألة فقالوا الأولى للصحيح عدم الفطر وإن مات ، والأولى للمريض والمسافر الفطر ، ونظر الشافعية للمكره به فإن أكره على الأكل والشرب فهو صائم لم يفطر لعدم وجود الاختيار ، وإن أكره بوطء يفطر وعليه القضاء ، وخالفهم فى ذلك العزيزي فقال بعدم الفطر ، وهذا هو رأي الحنابلة لحديث “وما استكرهوا عليه ” والراجح هو القضاء بعد ذلك ، ويمكن رفع الأمر للقضاء حتى لا تضيع الحقوق .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
الإكراه : حمل الإنسان غيره , على فعل أو ترك ما لا يرضاه بالوعيد . ومذهب الحنفية والمالكية , أن من أكره على الفطر فأفطر قضى . قالوا : إذا أكره الصائم بالقتل على الفطر , بتناول الطعام في شهر رمضان , وهو صحيح مقيم , فمرخص له به , والصوم أفضل , حتى لو امتنع من الإفطار حتى قتل , يثاب عليه , لأن الوجوب ثابت حالة الإكراه , وأثر الرخصة في الإكراه هو سقوط المأثم بالترك , لا في سقوط الوجوب , بل بقي الوجوب ثابتا , والترك حراما , وإذا كان الوجوب ثابتا , والترك حراما , كان حق الله تعالى قائما , فهو بالامتناع بذل نفسه لإقامة حق الله تعالى , طلبا لمرضاته , فكان مجاهدا في دينه , فيثاب عليه . وأما إذا كان المكره مريضا أو مسافرا , فالإكراه – كما يقول الكاساني – حينئذ مبيح مطلق , في حق كل منهما , بل موجب , والأفضل هو الإفطار , بل يجب عليه ذلك , ولا يسعه أن لا يفطر , حتى لو امتنع من ذلك , فقتل , يأثم .
ووجه الفرق : أن في الصحيح المقيم كان الوجوب ثابتا قبل الإكراه من غير رخصة الترك أصلا , فإذا جاء الإكراه – وهو سبب من أسباب الرخصة – كان أثره في إثبات رخصة الترك , لا في إسقاط الوجوب . وأما في المريض والمسافر , فالوجوب مع رخصة الترك , كان ثابتا قبل الإكراه , فلا بد أن يكون للإكراه أثر آخر لم يكن ثابتا قبله , وليس ذلك إلا إسقاط الوجوب رأسا , وإثبات الإباحة المطلقة , فنزل منزلة الإكراه على أكل الميتة , وهناك يباح له الأكل , بل يجب عليه , فكذا هنا .
وفرق الشافعية بين الإكراه على الأكل أو الشرب , وبين الإكراه على الوطء : فقالوا في الإكراه على الأكل : لو أكره حتى أكل أو شرب لم يفطر , كما لو أُدخِل في حلقه مكرها , لأن الحكم الذي ينبني على اختياره ساقط لعدم وجود الاختيار . أما لو أكره على الزنى , فإنه لا يباح بالإكراه , فيفطر به , بخلاف وطء زوجته . واعتمد العزيزي ( من فقهاء الشافعية ) الإطلاق , ووجهه بأن عدم الإفطار , لشبهة الإكراه , على الوطء , والحرمة من جهة الوطء , فعلى هذا يكون الإكراه على الإفطار مطلقا بالوطء والأكل والشرب , إذا فعله المكره لا يفطر به , ولا يجب عليه القضاء إلا في الإكراه على الإفطار بالزنى , فإن فيه وجها بالإفطار والقضاء عندهم . وهذا الإطلاق عند الشافعية , هو مذهب الحنابلة أيضا : فلو أكره على الفعل , أو فعل به ما أكره عليه , بأن صب في حلقه , مكرها أو نائما , كما لو أُدخِل المغمى عليه معالجة , لا يفطر , ولا يجب عليه القضاء , لحديث : { وما استكرهوا عليه } .