الجهر بالقراءة في الصلاة السرية، أو الإسرار بها في الصلاة الجهرية لا يترتب عليه بطلان الصلاة، وإنما على الإمام في صلاة الجماعة، أو المنفرد إذا انتبه لذلك أن يسجد للسهو قبل السلام، أو بعده.
يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
روى أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ ﷺ ـ أنه قال: “ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية” رواه أبو داود والنسائي وبإسناد صحيح.
وروى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ ﷺ ـ أنه قال: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة” وفي رواية “بسبع وعشرين درجة” والحديث أخرجه البخاري ومسلم.
مع هذه الأهمية لصلاة الجماعة ومكانتها وفضلها؛ لا ينبغي أن يتقدم للإمامة في صلاة الجماعة إلا من كان محسنا للقراءة، عارفا بأحكام الصلاة، بحيث يمكنه أن يصحح الصلاة إذا حدث سهو أو خطأ، لذلك اشترط الفقهاء ألا يعين إماما في الصلاة إلا إذا كان على دراية تامة بأحكامها، من أركان وسنن وآداب، وكيف تجبر الصلاة إذا حدث بها نقص أو قصور أو نسيان.
إذا لم يجهر الإمام بالقراءة في صلاة المغرب، أو جهر بقراءة السورة القصيرة فقط، فهنا الواجب على الإمام أحد أمرين:
أحدهما: أن يعيد قراءة الفاتحة ومعها السورة جهرا، وخصوصا إذا نبهه المأمومون لذلك، وفي هذه الحالة يترتب عليه أن يسجد سجدتين للسهو حيث حصلت الزيادة بتكرار قراءة الفاتحة.
ثانيهما: أن يستمر على حالته من قراءة الفاتحة سرا، ويترتب عليه أن يسجد سجدتين للسهو بسبب إسراره بقراءة الفاتحة في صلاة جهرية. والسجود في كلتا الحالتين ترغيم للشيطان، ولا بأس بكون السجود قبل السلام في الحالتين، كما هو مذهب الشافعي، أو بكون السجود بعد السلام في كلتا الحالتين كما هو مذهب أبي حنيفة، أو بكون السجود في الحالة الأولى كما هو مذهب مالك في الزيادة سهوا، وفي الحالة الثانية: يكون السجود قبل السلام للنقص سهوا.