السائل إذا سأل عالمًا من أهل الفتوى وهو يثق فيه، فعليه أن يأخذ بفتواه، وإن العالم هو المسؤول عن تقنين الفتوى من جهة صحتها وثبوتها وتأصيلها وغير ذلك، وليس على السائل إثم إن أخذ بها.
أما إن دخل السائل ريبة بأن هذه الفتوى فيها شيء من التوسعة التي يرى أنه لا يستريح لها، فاجتهد وتمسك بما فيه المصلحة العامة دون مصلحته الخاصة، فإنه نوع من الورع يثاب عليه، ولكن لا بد أن يؤصل ما استراح إليه قلبه عن طريق الرجوع إلى عالم آخر يعرض عليه ما استراح له قلبه؛ ليؤصل له تلك الفتوى حتى لا يجتهد في أمر لا علم له به، وعليه أيضًا أن يتحرى الذهاب إلى العالم الورع التقي الذي يحسبه على بصيرة من أمر دينه وعلمه.

تلاعب المستفتي في سؤاله ليحصل على الفتوى الذي يريد:

يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-: يجب أن يعلم أنه يحرم على المستفتي أن يتحايل على المفتي بصياغة السؤال بطريقة تؤدي إلى تضليل المفتي وخداعه ليحصل على الجواب الذي يريده، فالمفتي كالقاضي تماماً يفتي حسب الظاهر والفتوى لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً.

حكم العمل بفتوى لايطمئن قلب المستفتي لها:

قال العلامة ابن القيم:[لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها، لقوله :(استفت نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك)، فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولاً، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي :(من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار).

وخلاصة الأمر أن المستفتي مطالب شرعاً بأن يصدق في كل المعلومات التي يذكرها في سؤاله للمفتي ويحرم عليه أن يتحايل أو يخادع حتى يحصل على الجواب الذي يوافق هواه.