يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-

التنجيم: ضرْب من الكِهانة أو السحْر، وهو عِلْم يزعُم أصحابه ربْطَ حوادث الأرض بنجوم السماء، ويدَّعُون أنه سَيَحْدُث كذا في سنة كذا، من البلاء والغلاء، والموت، وقد عرَف الناس كَذِبَهم من قديم، وقالوا فيهم: “كَذَب المُنَجِّمون ولو صدقوا.

وفي الحديث اعتبار عِلْم النجوم هذا شُعْبَة من السحر.

فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه   وسلم ـ: “مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا من النجوم اقتبسَ شُعْبة منَ السحْر، زاد ما زاد”. (رواه أبو داود في الطب “3905”، وابن ماجة في الأدب “3726”، وأحمد في المسند “2000”، وقال الشيخ شاكر: إسناده صحيح، وقد صحَّحه النَّوَوِي في رياض الصالحين، والذهبي في الكبائر، كما في الفيض: 6/ 80).

ما هو علم النجوم المنهي عنه:

قال الخطابي: علم النجوم المَنْهِي عنه: هو ما يَدَّعِيه أهلُ التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تَقَع وسَتَقَع في مستقبل الزمان، كإخبارهم بأوقات هُبوب الرياح، ومَجِيء المطر، وظهور الحَرِّ والبَرْد، وتَغَيُّر الأسعار، وما كان في معانيها من الأمور، يَزْعُمونَ أنهم يُدْرِكون مَعْرِفَتها بسَيْر الكواكب في مَجاريها، وباجتماعها واقترانها، ويَدَّعون لها تأثيرًا في السُّفْلِيَّات، وأنها تَتَصَرَّف على أحكامها، وتَجْرِي على قضايا مُوجِباتِها.

وهذا منهم تَحَكُّم على الغيب وتَعاطٍ لعلم استأثَر الله ـ سبحانه ـ به، لا يعلَم الغيب أحدٌ سِواه.

التنجيم في الإسلام:

عِلْم النجوم الذي يُدْرَك من طريق المُشاهَدَة والحِسِّ، كالذي يُعْرَف به الزوال، ويُعْلَم به من جِهة القِبلة، فإنه غير داخل فيما نُهِي عنه.

وذلك: أن معرفة رَصْد الظلِّ ليس شيئًا بأكثر من أن الظلَّ ما دام مُتناقِصًا فالشمس بعدُ صاعدةٌ نحو وسْط السماء من الأُفُق الشرقي، وإذا أخذ في الزيادة فالشمس هابطة من وَسْط السماء نحو الأفق الغربي.

وهذا عِلْم يَصِحُّ دَرْكُه من جهة المُشاهَدة، إلا أن أهل هذه الصناعة قد دَبَّرُوه بما اتَّخَذُوا له من الآلة التي يَسْتَغْنِي الناظر فيها عن مُراعاة مُدَّته ومَراصِدَه.

وأمَّا مَا يُسْتَدَلُّ به من جهة النجوم على جهة القِبْلة: فإنما هي كواكب أرصدَها أهل الخِبرة بها من الأئمة الذين لا نَشُكُّ في عِنايتهم بأمر الدين ومعرفتهم بها، وصِدْقِهم فيما أخبروا به عنها، مثل أن يُشاهِدُوها بحَضْرة الكعبة، ويشاهدوها في حال الغيبة عنها، فكان إدراكهم: الدلالة عنها بالمُعاينة، وإدراكنا لذلك بقَبولنا لخَبَرِهم، إذ كانوا غيرَ مُتَّهَمِين في دينهم، ولا مُقَصِّرين في مَعْرِفَتِهم. (من معالم السنن: 5 / 371، 372، مع مختصر المنذري، وتهذيب ابن القيم للسنن).

وبهذا نَتَبَيَّن أن “علم النجوم” المذموم، أو “علم التنجيم”، هو غير “علم الفلك”، الذي نبَغ فيه المسلمون من قديم، وكان لهم فيه علماء راسخون، والذي ارتقى في عصرنا ارتقاء كبيرًا، حتى استطاع الإنسان بواسطته أن يَصِل إلى القمر، ويُحاوِل غَزْو الكواكب الأخرى.