الهبة والصدقة هي تمليك في الحياة بغير عوض.

يقول الشيخ العلامة محمد ابن العثيمين- رحمه الله تعالى- :

 لا يجوز استرجاع الهبة والصدقة بالشراء؛ لأن الغالب أنك إذا اشتريت الهبة فسوف يخفض لك السعر ويستحي أن يماكسك، فلو وهبت له ما يساوي مائة ثم أردت أن تشتريه منه، فإنك لو قلت له: بثمانين، سوف يقول لك: خذها، ويخجل أن يقول:لا، إلا بمائة، وحينئذٍ تكون قد رجعت في بعض الهبة، لكن بطريق غير مباشر، ولهذا لما حمل أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ على فرس له في سبيل الله، فأضاعه الذي حمله عليه، وظن عمر أنه يبيعه برخص، استأذن من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يشتريه فقال له: «لا تشترِه ولو باعكه بدرهم، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه»[1].

هل يجوز شراء الصدقة أوالهبة بعد إخراجها

يقول الشيخ العلامة محمد ابن العثيمين- رحمه الله تعالى- : أما إذا اشترى صدقته فإنه أشنع؛ لأنه يتضمن شيئين: الرجوع في الهبة، والرجوع فيما أخرجه لله، وما أخرجه لله لا يجوز فيه الرجوع، حتى البلد إذا هاجر الإنسان منها لله لا يجوز أن يرجع ويسكن فيها؛ لأنه تركها لله وما تُرك لله فإنه لا يرجع فيه[2].

الرجوع في الهبة

اختلف الفقهاء في هذه مسألة الرجوع في الهبة إلى فريقين:

الفريق الأول: يرى أن الأصل الرجوع في الهبة إلا لمانع، وهذا رأي الحنفية، واستدلوا على ذلك بما يلي:

1 – قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].

2 – عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله : “الواهِبُ أحق بهبته ما لم يثب منها.

3 – إجماع الصحابة؛ روي عن سيدنا عمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وعبدالله بن عمر وكثير من الصحابة القول بجواز الرجوع في الهبة، ولم يرد عن غيرهم خلافه، فيكون إجماعا.

الفريق الثاني: يرى أن الأصل في الهبة اللزوم، إلا في هبة الوالد لولده، وهذا رأي المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، واستدلوا بما يلي:

1 – قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ… ﴾ الآية.

2 – قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾.

3 – عن ابن عباس أن النبي قال: “مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه، فيأكله”، وعن ابن عباس عن النبي أنه قال: “العائد في هبته، كالعائد في قيئه.

4 – عن عبد الله ابن عباس وعبد الله ابن عمر، قال رسول الله : “لا يحلُّ لرجلٍ أن يعطيَ عطيةً ، أو يهبَ هبةً ، فيرجعَ فيها ، إلَّا الوالدَ فيما يعطي ولدهُ ، ومثَلُ الّذي يعطي العطيَّةَ . ثمَّ يرجعُ فيها كمثلِ الكلبِ يأكلُ ، فإذا شبِع قاء ثمَّ عاد في قيئهِ”.