الرسم على السبورة وعمل تماثيل من الصلصال لذوات الأرواح للتعليم جائز ولا حرج فيه ، أما إذا كان للتعظيم فهو حرام ، والأصل أن النحت المجسم حرام ، وتشتد الحرمة إذا كان الغرض منه تعظيم المنحوت ، أما المجسمات البسيطة لغرض العلم فقد أجازها العلماء .
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
وَرَدَتْ أحاديث كثيرة تنهى عن اتخاذ التماثيل، وهي تُسمَّى أحيانًا في كتب الفقهاء بالتصاوير، وقد تسمى أحيانًا بالتصاليب، فقد رَوَى الإمام البخاري أن الرسول ـ ﷺ ـ قال: “إِنَّ أشدَّ الناس عذابًا يوم القيام المُصوِّرون”.
ورَوَى عبد الله بن عمر أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إن الذين يصنعون هذه الصور يُعذَّبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم. وقال عبد الله بن عباس: سمعت محمدًا ـ ﷺ ـ يقول: “مَنْ صوَّر صورةً في الدنيا كُلِّف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ”.
والظاهر أن المراد بالصور في هذه الأحاديث هي التماثيل المجسمة، التي تكون على هيئة ذي الروح والحياة كالإنسان والحيوان. والسبب في هذا النهي هو حرْص الإسلام على محاربة الوثنية وعبادة الأصنام، فكان لا بد له من حملة صارمة على صنع التماثيل التي كانت تُتخذ في أول الأمر للعبادة والإشراك بالله.
ولذلك استثنى العلماء من التحريم الصورَ التي لا تكون مُجسَّمة، سواء أكانت مرسومة باليد، أم مأخوذة بآلة التصوير الخاصة، إذ لم يكن عُبَّاد الأوثان يعبدون مثل هذه الصور، وإن كان يُوجَد من الفقهاء مَن تشدد فحرم الصور كلها، وهذا التشديد لا يُساير حاجةَ الناس إلى الصور في كثير من الأمور.
وكذلك استثنى الفقهاء من التحريم لُعَبَ البنات والعرائس المصنوعة من القطن أو القماش أو الطين أو الخشب أو الكاوتشوك أو الجبس أو غير ذلك، واستدلوا على جواز ذلك بأن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ كان عندها مثل هذه اللُّعَب، ورآها النبيُّ ـ ﷺ ـ ولم يُنكِر عليها ذلك.
وعلى هذا نستطيع أن نقول: إن الرسم على السبورة في أماكن التعليم للإيضاح أو شرح المسائل التي يحتاج إلى معرفتها التلاميذ والطلاب ـ أمرٌ جائزٌ؛ لِمَا يتعلَّق به من مصلحة عامة، وخاصة إذا كان المرسوم نباتًا أو جمادًا، وكذلك لا مانع من الترخيص بعَمَلِ الصلصال في المدارس للتثقيف والتعليم، إذ لا شُبْهة للوثنية أو الشرك في هذا المجال، أما اتخاذ التماثيل على هيئة التعظيم لذي روح فجمهور الفقهاء يُجْمِعون على أنه حرام. أ.هـ