من الثابت أن الحرير محرم على الرجال لبسه لأحاديث النبي ﷺ، التي تفيد أن الله حرم على الرجال ارتداء الحرير، ورابطة العنق المصنوعة من الحرير داخلة في هذا التحريم، أما إذا كانت من حرير صناعي فإنها لا تليق بالرجال أدبا لا حكما.
يقول الدكتور أحمد سعيد حوى ـ مدرس الفقه وأصوله بالجامعات الأردنية:
يحرم لبس المنسوج بالذهب والمموه به على الرجال، لحديث أبي موسى الأشعري (رضي اللّه عنه) أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال: “حرم لبس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم”. ولكن أجاز الفقهاء لبس الثوب الذي يدخل فيه الحرير تبعا كمقدار إصبعين أو ثلاث، وهو ما يعرف عندنا بالتخريج أو التطريز، والحديث على ظاهره يدل على هذا.
والإشكال في ربطة العنق أنها هل تعتبر جزءا من الثوب تابعة له أو ثوبا مستقلا. فإذا اعتبرت ثوبا مستقلا أو قطعة مستقلة (وهذا هو الظاهر) فيحرم لبسها، والكلام هنا عن الحرير الطبيعي وليس عن الحرير الصناعي، والأولى بالمسلم أن يبتعد عن مواطن الشبهات، ومجال لبس ربطات العنق غير الحريرية واسع.
ويقول الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر ـ سابقا رحمه الله تعالى:
الحرير الذي وردت فيه النصوص هو الحرير الطبيعي المأخوذ من دودة القزِّ، أما الحرير الصناعيُّ فيشبهه في النعومة ولكن لا يأخذ حكمه، روى ابن ماجهَ عن علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله ـ ﷺ ـ أخذ حريرًا فجعله في يمينه وذهبًا فجعله في شماله ثم قال: ” إن هذين حرام على ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإناثهم” وقد تقدم بيان حكم الذهب، أما الحرير فجاء فيه إلى جانب ما ذكر ما رواه البخاريُّ ومسلم ” لا تَلبسوا الحرير، فإن مَنْ لَبِسَهُ في الدنيا لم يَلبسه في الآخرة” وما رواه أيضًا ” إنما يَلبس الحرير مَنْ لا خَلاقَ له”..
جاء في “ج2 ص 157” من غذاء الألباب : يَحْرُمُ لبسه وافتراشه والاتكاء عليه وتَوسُّدُه وتَعليقُهُ وسَتْرُ الْجُدُرِ به غير الكعبة المشرفة، كما تَحْرُمُ التكة وخيط السبحة، وذَكَرَ الدميري الشافعي في شرح المنهاج أنه يجوز حَشْو الجُبَّة والمخدة من الحرير والجلوس عليه إذا بُسِطَ فوقه ثوب، ويَحِلُّ خيط السبحة، وتحرم بطانة الجبَّة من الحرير، وفي لبس الصبيان له رأيانِ، والمحرَّمُ من الحرير هو الخالص أما المخلوط فَيَحرم إذا كان الحرير غالبًا في الوزن أو المظهر، وجاء فيه أن أول مَنْ لَبِسَ الحرير قوم لوط كما ذكره السيوطي في كتابه ” الأوائل” وذكر السيوطي أن أول اتخاذ الرجال الحرير في هذه الأمة في خلافة عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ الذي سمع الرسول ـ ﷺ ـ يقول ” أوشك أنْ تَسْتَحِلَّ أمتي فروج النساء والحرير”، وهَذَا أوَّل حرير رأيته على المسلمين.
وقد أخرج البخاري تعليقًا، وأبو داود والنسائي قول النبي ـ ﷺ ـ ” لَيكونَنَّ من أمتي يَستحلون الحِرَّ والحرير ” ـ بكسر الحاء ـ فرج المرأة.
وأرى أنَّ لبْسَ الحرير الصناعي الذي يُقارب في مادَّته أو هَيْئَته الحرير الطبيعي لا يَليق بالرِّجال، وإذا قُصدتْ به المباهاة كان حرامًا من أجل ذلك.