الفقهاء متفقون على وجوب الصلاة على الحائض إن طهرت قبل انتهاء وقتها، ولكنهم اختلفوا في المقدار الذي يتحقق فيه الوجوب، فالشافعية والحنفية والحنابلة يرون أنها إن طهرت قبل انتهاء الوقت بقدر تكبيرة الإحرام وجبت عليها ، وعليها قضاؤها ، ولكن المالكية يرون أنه لا بد من أن تطهر قبل انتهاء الوقت بمقدار ركعة كاملة ، وإلا فلا تجب عليها هذه الصلاة .

وأما إن طهرت قبل الغروب أو قبل الفجر بهذا المقدار؛ ففي وجوب قضاء الظهر والمغرب خلاف .

فذهب الحنفية إلى عدم وجوب قضاء الظهر إن طهرت قبل الغروب بعد دخول وقت العصر ، وعدم وجوب قضاء المغرب إن طهرت قبل الفجر بعد دخول وقت العشاء، لأنهم يرون كل صلاة منهما مستقلة بوقتها ، ولا يجيزون الجمع بينهما ، إلا بين الظهر والعصر في عرفة ، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة .

وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب قضائهما ، ولكن المالكية يشترطون بقاء وقت كافٍ بعد الطهر لصلاة ركعة زائدة على الصلاة الحاضرة ، فإن طهرت قبل المغرب بمقدار خمس ركعات وجبت الظهر مع العصر ، أو قبل الفجر بمقدار أربع ركعات وجبت المغرب مع العشاء، بينما يرى الشافعية والحنابلة وجوب الظهر مع العصر لو طهرت قبل المغرب بقدر تكبيرة الإحرام، والمغرب مع العشاء لو طهرت قبل الفجر بنفس القدر .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

اختلف الفقهاء في مقدار الوقت الذي تدرك فيه الحائض الصلاة إن طهرت :

فذهب المالكية إلى أن الحائض تدرك الصلاة إذا بقي من الوقت ما يسع ركعة تامة وذلك في صلاة الصبح والعصر والعشاء فإذا طهرت الحائض قبل الطلوع أو الغروب أو الفجر بقدر ركعة فإنها تجب عليها تلك الصلاة ولا تدرك بأقل من ركعة على المشهور وتدرك الظهر والمغرب إذا بقي من وقتهما الضروري ما يسع فضل ركعة على الصلاة الأولى لا الثانية فإذا طهرت الحائض وقد بقي من الليل قدر أربع ركعات صلت المغرب والعشاء لأنه إذا صلت المغرب بقيت ركعة للعشاء .

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الصلاة تجب على الحائض إذا طهرت وقد أدركت من آخر الوقت قدر تكبيرة فيجب قضاؤها فقط إن لم تجمع مع التي قبلها، وقضاؤها وقضاء ما قبلها إن كانت تجمع فإذا طهرت قبل طلوع الشمس وبقي من الوقت ما يسع تكبيرة لزمها قضاء الصبح فقط لأن التي قبلها لا تجمع إليها . وإن طهرت قبل غروب الشمس بمقدار تكبيرة لزمها قضاء الظهر والعصر وكذا إن طهرت قبل طلوع الفجر بمقدار تكبيرة لزمها قضاء المغرب والعشاء لما روي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس أنهما قالا : في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة ” تصلي المغرب والعشاء، فإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ” لأن وقت الثانية وقت للأولى في حالة العذر ففي حالة الضرورة أولى لأنها فوق العذر وإنما تعلق الوجوب بقدر تكبيرة لأنه إدراك .

وذهب الحنفية إلى التفريق بين انقطاع الدم لأكثر الحيض وانقطاعه قبل أكثر الحيض ( وهو عشرة أيام ) بالنسبة للمبتدأة ( وهي التي تحيض لأول مرة ) وانقطاع دم المعتادة في أيام عادتها أو بعدها أو قبلها بالنسبة للمعتادة :
فإن كان انقطاع الدم لأكثر الحيض في المبتدأة فإنه تجب عليها الصلاة لو بقي من الوقت مقدار تحريمة وإن بقي من الوقت ما يمكنها الاغتسال فيه أيضا فإنه يجب أداء الصلاة . فإن لم يبق من الوقت هذا المقدار فلا قضاء ولا أداء . فالمعتبر عندهم الجزء الأخير من الوقت بقدر التحريمة . فلو كانت فيه طاهرة وجبت الصلاة وإلا فلا .

وإن كان انقطاع الدم قبل أكثر مدة الحيض بالنسبة للمبتدأة أو كان انقطاعه في أيام عادتها أو بعدها – قبل تمام أكثر المدة ، أي العشرة أيام – أو قبلها بالنسبة للمعتادة فإنه يلزمها القضاء إن بقي من الوقت قدر التحريمة والغسل أو التيمم عند العجز عن الماء . ولا بد هنا من بقاء قدر الغسل أو التيمم زيادة على قدر التحريمة لأن زمان الغسل أو التيمم حيض فلا يحكم بطهارتها قبل الغسل أو التيمم فلا بد أن يبقى من الوقت زمن يسعه ويسع التحريمة حتى إذا لم يبق بعد زمان الغسل أو التيمم من الوقت مقدار التحريمة لا يجب القضاء وذلك بخلاف ما لو انقطع الدم لأكثر المدة في المبتدأة فإنه يكفي قدر التحريمة فقط لأن زمان الغسل أو التيمم من الطهر لئلا يزيد الحيض عن العشرة فبمجرد الانقطاع تخرج من الحيض فإذا أدركت بعده قدر التحريمة تحقق طهرها فيه وإن لم تغتسل فيلزمها القضاء والمقصود بالغسل هنا الغسل مع مقدماته كالاستقاء وخلع الثياب والتستر عن الأعين كما أن المراد به الغسل الفرض لا المسنون لأنه الذي يثبت به رجحان جانب الطهارة .(انتهى)

فيمكن الأخذ برأي الحنفية ـ وهو عدم قضاء الظهر والمغرب ـ لمن لا تأخذ برخصة الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء ، ولكن تقض الصلاة التي تطهر قبل انتهاء وقتها بقدر تكبيرة الإحرام .

وأما من تأخذ برخصة الجمع فعليها أن تقضي الظهر والمغرب ، والأحوط في ذلك أن تأخذ برأي الشافعية والحنابلة فتقضيهما إذا طهرت قبل آخر الوقت بمقدار تكبيرة الإحرام ، ولكن إن شق ذلك عليها فلها أن تأخذ برأي المالكية فلا تقضيهما إلا إذا طهرت فبل نهاية الوقت بمقدار الحاضرة وزيادة ركعة ، فلا تقضي الظهر إلا إذا طهرت قبل المغرب بمقدار خمس ركعات ، ولا المغرب إلا إذا طهرت قبل الفجر بمقدار أربع ركعات .

وليعلم أن النفاس في هذا كالحيض تماما .