الزوجة لا يجب عليها خدمة أهل الزوج، بل إن فعلت ذلك تطوعا وتطييبا لخاطر زوجها وطلبها مرضاته فلها من الله تعالى عظيم الأجر والمثوبة، وإن أبت خدمتهم فلها ذلك وليس للزوج أن يجبرها على ذلك، وما أحوجنا أن نرفق بنسائنا، وأن نلتزم حدود الله تعالى في التعامل معهم.

يقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :-

لا يجب على المرأة أن تقوم بخدمة أهل زوجها إلا أن تختار هي ذلك، وما يفعله بعض الأزواج اليوم من إرغام الزوجات على خدمة أهلهم لا يصح لأن حق الزوج على زوجته مقصور على رعايته ورعاية أولاده وبيته قال عليه الصلاة والسلام: ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته….. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها…..” متفق عليه، أنظر جامع الأصول جزء5 ص 663 .

وفي رواية أخرى للبخاري: ” …..والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم….” المرجع نفسه جزء4 ص 51 .

وقد وقف الإمام ابن أبي جمرة عند فصاحة الحديث هنا وإعجازه في توفية المعنى وقال: لأن المرأة لا تباشر من حال الزوج إلا ما هو في الدار فلم تكلف ما هو خارجه لكونها لا تصل إليه اتصالاً كلياً، والذي يجب عليها في ذلك ما جاء مفسراً في حديث غير هذا، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: تحفظ المرأة زوجها في نفسها وماله ثم قال: هذا هو الواجب. أنظر بهجة النفوس جزء2 ص 52 .

وقد ذكر عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع حق الزوج على زوجته وحق زوجته عليه قال: “…ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن” رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. أنظر رياض الصالحين باب الوصية بالنساء .

ومن هنا نجد أن الرسول لم يذكر أهل الزوج أصلاً فضلاً عن وجوب خدمتهم، وهذا إذا كانوا في ظروف عادية فكيف إذا كانوا سيئين في أخلاقهم.

غير أني أتحفظ كثيراً على هذه الكلمة لأنه كم يوصف أهل الزوج بسوء الأخلاق من قبل زوجة ابنهم وهم في الأصل على خلق كريم، وبالمقابل كم يصف أهل الزوج زوجته بسوء الخلق وهي ذات خلق كريم فمن هنا أقول: هذا الموضوع حساس للغاية والله هو أعلم بما في قلوب العالمين .

أما إذا أرادت الزوجة خدمة أهل زوجها وهي تملك الوقت والقدرة فإنه يستحب لها ذلك، وهو الأفضل لتأليف قلوب الجميع خاصة إذا كان أهل الزوج بحاجة ماسة إلى مساعدة لمرض أو شيخوخة وما إلى ذلك ففيه الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، والمعروف بحر لا ساحل له يجد صاحبه ثوابه عند الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

كما أنه لا يجوز للزوج إذا امتنعت زوجته عن مساعدة أهله أن يقوم بمضارتها والنكاية بها وما أكثر المظلومين في زماننا من الطرفين خاصة إذا ارتفعت التقوى ومخافة الله من القلوب، ودخل الشيطان يوسوس لهذا، ويوسوس لذاك، ويحرضهم على بعضهم من أجل أن يحقق غرضه، وما يقع في شباكه إلا كل ضعيف الإيمان. نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .