تلاوة القرآن لها أجر كبير؛ كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ، ولكن حفظ القرآن أفضل من مجرد تلاوته، لأن الحفظ يشمل التلاوة، كما أن الاستماع إليه مع الإنصات أفضل من الترديد مع القارئ، إلا أن يكون الترديد لمراجعة المحفوظ خوفا من نسيانه إذا لم يكفِ الاستماع للمراجعة.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
قد قال الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) فقد تكفل الله ـ تعالى ـ بحفظ كتابه الكريم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكان من الوسائل التي هيأها الله لهذا الحفظ أن جعل حفظه عن ظهر قلب ميسور لكثير من عباده حتى ينتقل من جيل إلى جيل نقلاً متواترًا بحفظ جمهور كبير لهذا الكتاب بحيث لا يقع الاختلاف في آية أو كلمة أو حرف منه، وحفظ هذا العدد الكبير للكتاب الكريم هو الأساس في المحافظة عليه، وليس تدوينه في المصاحف، ولا تسجيله على الأشرطة، فكلها وسائل مساعدة، وليست أساسًا في الحفظ لكتاب الله تعالى.
ولذلك كان رسول الله ﷺ إذا نزلت عليه آيات من القرآن الكريم دعا كتَّاب الوحي فيكتبونها على ما تيسر لهم ويُحفّظها صحابته لتكون صدورهم أوعية حفظ لهذه الآيات، وما توفي رسول الله ﷺ إلا وحفظة القرآن عدد كبير، وكانوا يسمون (القراء) وقد قُتل منهم في حرب اليمامة أكثر من مائة وعشرين قارئًا مما جعل الفاروق عمر بن الخطاب يشير على الخليفة أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنهما ـ بجمع القرآن الكريم مما كتب تحت إشراف رسول الله ﷺ .
فحفظ القرآن الكريم لمن تيسر له أفضل من تلاوته دون حفظ، وحفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، وورد في الحديث أنه يقال لحافظ القرآن يوم القيامة: اقرأ وارق في درجات الجنة، حتى تكون آخر درجة عند آخر آية يحفظها، ومن كان له ورد معين كقراءة القرآن كله مرة في كل شهر أو مرتين، ثم أصابه مرض أو ضعف عَجَزَ بسببه عن إتمام ورده، فإن الله يكتب له ثواب ما كان يفعله صحيحًا مقيمًا، وقد أمرنا الله بالاستماع والإنصات لقارئ القرآن حتى نكون أهلاً لرحمة الله تعالى فقال: (وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون).